للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢٠) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢١) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ} (١) فالسمع والبصر والجلود لم تذكر هنا في آية سورة يس، وإنما ذكرت الأيدي والأرجل، ولهذا قال المؤلف (وغيرها) إشارة إلى أن هناك أعضاء تشهد غير الأيدي والأرجل {حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ} فالسمع بما سمع، والبصر بما رأى، والجلد بما مس {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا} ولم يقل: (وقالوا لأبصارهم، وسمعهم: لم شهدتم) لأن عذاب الجلد عام يشمل الجسد كله، لكن عذاب السمع والبصر خاص بالسمع والبصر، ولهذا قالوا لجلودهم: {لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا} لأن العذاب سيكون على الجلود، كما قال تعالى: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} (٢) والحاصل أنه يشهد غير الأيدي والأرجل فيكون الشهداء ستة: الأيدي، والأرجل، والسمع، والبصر، والجلود، والألسن، فقد ذكر الله تعالى في سورة النور أن الألسن تشهد {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (٣) فاللسان أيضًا يشهد عليهم، لأن اللسان هو أعظم الجوارح خطرًا؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ: "ألا أدلك على ملاك ذلك كله؟ " قلت: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسان نفسه، وقال: "كف


(١) سورة فصلت، الآيات: ٢٠ - ٢٢.
(٢) سورة النساء، الآية: ٥٦.
(٣) سورة النور، الآية: ٢٤.

<<  <   >  >>