للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا قال قائل: هذا الوصف للرسول عليه الصلاة والسلام هل يتعدى إلى أتباعه؟

فالجواب: نعم. كل ما وصفت به الرسل يوصف بمثله أتباعهم، ألم تعلموا أن المجرمين إذا رأوا المؤمنين يقولون: {إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ (٣٢)} (١) يصفونهم بالضلال، وفي عصرنا يصفونهم بالرجعية والتأخر وما أشبه ذلك من الكلمات التي ينفرون الناس بها عن الحق، وأهل البدع يصفون أهل السنة والجماعة بألقاب السوء يقولون: إنهم نوابت، غثاء، حشوية، مجسمة، مشبهة، وما أشبه ذلك، كل هذا من أجل التنفير عمّا هم عليه، ولكن الحمد لله أن الأمر يكون ثوابًا لهؤلاء الذين يوصفون بهذه العيوب، وامتحانًا لهم بالصبر على ما هم عليه من الحق، ثم العاقبة تكون لهم، {وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} الشعر قال المؤلف: [أي: ما يسهل له الشعر]. بل هو صعب عليه إنشاءً، وصعب عليه إنشادًا، فهو عليه الصلاة والسلام إذا أنشد شعر غيره ينشده أحيانًا على غير الوزن المعروف، لأنه ليس له عناية بالشعر أو تحفظ له، أما بنفسه فلا ينشد.

ولكن الأولى أن نفسر {وَمَا يَنْبَغِي} أي: ما يمكن ولا يصلح له، ولا يليق به، لأنه كل ما جاءت في القرآن {وَمَا يَنْبَغِي} فالمراد بها الممتنع غاية الامتناع، كما في قوله تعالى: {وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (٩٢)} (٢) أي: مستحيل غاية الاستحال، ومثل قوله تعالى: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ} يعني هذا شيء


(١) سورة المطففين، الآية: ٣٢.
(٢) سورة مريم، الآية: ٩٢.

<<  <   >  >>