للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يماثلها في المعاني بالنظم ولكنك ترى أن تأثير النظم أشد، وأقرب للشعور أكثر، ولهذا سمي شعرًا، وبه نعرف أن ما يسمى الآن بالشعر المنثور ليس بشعر؛ لأنه لا يأخذ بالمشاعر، فهو ليس بشعر وليس بنثر، وإنما هو كالمنافق لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، لا يطرب إليه من يطربون إلى النثر والخطب، ولا يطرب إليه من يطربون إلى الشعر والقصائد، فهو في الحقيقة ليس بشيء، ولكن لكل امرئ من دهره ما تعود، والذين أحدثوه يطربون له، ويرون أنه أشد شاعرية من شعر امرئ القيس. {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْر} قال المؤلف: [ردّ لقولهم: (إن ما أتى به من القرآن شعر] والمكذبون والذين يقومون ضد -أي إنسان- لا بد أن يصفوا قوله بالمعائب لأجل أن ينفر الناس عنه، ولكن كما قال الله عز وجل: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} (١) وقال الله سبحانه وتعالى في سورة الذاريات: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٥٢)} (٢) كل الرسل وصفوا بهذين الوصفين من أعدائهم: السحر، والجنون، ومحمد عليه أفضل الصلاة والسلام أيضًا وصف بذلك، وصفوه بأنه ساحر، وشاعر، ومجنون، وكاهن، وكذاب، كل ذلك من أجل أن ينفروا الناس عنه، ولكن هل حصل الأمر وهل نفر الناس؟ أبدًا، لأن الحق -والحمد لله- سيعلو مهما قوبل به من صدمات فإن العاقبة له.


(١) سورة التوبة، الآية: ٣٢.
(٢) سورة الذاريات، الآية: ٥٢.

<<  <   >  >>