للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (٦٩)} قال المؤلف: [ليس الذي أتى به إلا ذكر] فأفادنا بأن (إن) هنا نافية، أي: ما هو إلا ذكر، و (إِن) تأتي لعدة معانٍ: تأتي زائدة، وشرطية، ونافية، ومخففة من الثقيلة. والذي يعين المعاني المتعددة في الكلمة الواحدة هو السياق، وهذه قاعدة في كل كلمة ذات معاني متعددة أنه يعينها السياق، وقرينة الحال، وهي هنا نافية، قال {هُوَ} الضمير يعود على المصدر المفهوم من {عَلَّمْنَاهُ}، وكون مرجع الضمير مصدرًا معلومًا من الفعل السابق أمر لا يستغرب، ألم تر إلى قوله تعالى: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (١) {هُوَ} أي: العدل المفهوم من كلمة: (اعدلوا) وهنا {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (٦٩)} أي: ما الذي علمناه إلا ذكر وقرآن مبين. قوله: {إِلَّا ذِكْرٌ} قال المؤلف: [عظة] يعني موعظة يتذكر بها من تذكر، والذي يتذكر بهذا القرآن بينه الله تعالى في قوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (٣٧)} (٢) وهذا باعتبار الاستعداد والقبول، وجاء في آيات أخرى ما يدل على أن كل المتقين يتعظون بهذا القرآن، فيكون فيه بيان للذين يتعظون به من حيث السلوك، ففي سورة "ق" بيان الذين يتعظون به من حيث القبول والاستعداد بالتذكر، وفي الآيات الأخرى التي تربط التذكر بالقرآن بالإيمان والتقوى وما أشبه ذلك دليل على من يتعظ به من حيث السلوك والعمل،


(١) سورة المائدة، الآية: ٨.
(٢) سورة ق، الآية: ٣٧.

<<  <   >  >>