للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكلما ازداد الإنسان عملًا بالقرآن ازداد تذكرًا به، وهذا الذي ذكره المؤلف -رحمه الله- في معنى الذكر هو أحد المعاني؛ لأن الذكر الذي وصف به القرآن يتضمن عدة معان:

المعنى الأول: ما ذكره المؤلف وهو العظة والتذكر به.

المعنى الثاني: إنه ذكر يذكر به الله، وهو أشرف أنواع الذكر، لأن القرآن كلام الله عز وجل، فبمجرد ما تتلوه وأنت تشعر أنه كلام الله سوف تذكر عظمته عز وجل؛ ولأن القرآن يشتمل على أخبار هي أصدق الأخبار وأنفعها للقلوب؛ ولأنه يشتمل على قصص هي أحسن القصص وأجملها وأتمها؛ ولأنه يشتمل على أحكام من لدن حكيم خبير، هي أعدل الأحكام وأقومها لمصالح العباد؛ ولأنه يشتمل على أوصاف الله تعالى وأسمائه التي هي أفضل الأسماء وأشرف الأوصاف، وكل هذا ذكر، فالقرآن نفسه ذكر لله عز وجل؛ لأنه يشتمل على كل هذه المعاني التي بينها الله تعالى في كتابه.

المعنى الثالث: أنه رفعة وشرف لمن يقوم به ويعمل به لقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (٤٤)} (١) والذكر بمعنى الرفعة والشرف موجود في القرآن كما في الآية السابقة، وكما في قوله تعالى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (٤)} (٢) أي: ذكرك بالشرف والتبجيل والتعظيم. ولا شك أن من تمسك بالقرآن فإن له الشرف والسيادة على جميع الخلق، ولهذا فإني أحثكم على أن تمسكوا


(١) سورة الزخرف، الآية: ٤٤.
(٢) سورة الشرح، الآية: ٤.

<<  <   >  >>