للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بهذا القرآن العظيم، وإذا تمسكتم به عقيدة، وعملًا، وهديًا فستكون العاقبة لكم، ولا تظنوا أنكم قليلون -لو كنتم قليلين- فإن الاهتداء بالقرآن يستلزم أن ينجذب الناس للمهتدي به حتى يكثروا شيئًا فشيئًا، كالحجر تلقيه في اليم ثم تتسع الدائرة حتى يشمل اليم كله، فالحاصل أن الإنسان إذا تمسك بهذا القرآن الكريم فسوف يكون له الشرف والسيادة والظهور على جميع الخلق، قال: {وَقُرْآنٍ مُبِينٍ} قرآن يحتمل أن يكون معنى مفعول، وأن يكون بمعنى فاعل؛ لأن قرآن مصدر مثل: الشكران، والغفران، والنكران، وما أشبهه، والمصدر يأتي بمعنى اسم الفاعل، ويأتي بمعنى اسم المفعول، وعلى هذا فهو قارئ ومقروء، أما كونه قارئًا فلأنه من القر يعني الجمع فهو جامع للأحكام، والأخلاق، والآداب الموجودة في الكتب السابقة قبله، كما قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} (١) وجامع أيضًا لكل ما تقوم به أمور الدنيا وأمور الآخرة، وهو أيضًا مقروء أي: متلو؛ لأنه يتلى، والقراءة بمعنى التلاوة. {مُبِينٌ} قال المؤلف -رحمه الله-[مظهر للأحكام وغيرها] فـ {مُبِينٌ} هنا من (أبان) بمعنى أظهر، وقد سبق لنا مرارًا أن (أبان) يكون لازمًا، ويكون متعديًا، يكون لازمًا بمعنى ظهر، وهو كثير في القرآن مثل: {وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (١٦٤)} (٢) أي: بين ظاهر،


(١) سورة المائدة، الآية: ٤٨.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ١٦٤.

<<  <   >  >>