للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتأتي مبين من (أبان) بمعنى أظهر، أي: المتعدي كما في الآية: {مُبِينٌ (٦٩)} أي مظهر، مظهر للأحكام وغير الأحكام، كما قال الله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} (١) فما من شيء يحتاج الناس إليه إلا وجد في القرآن، لكن وجوده في القرآن: إما أن يكون على وجه صريح، أو على وجه ظاهر، أو على وجه الإيماء والإشارة، أو على وجه الشمول والعموم، أو على وجه اللزوم، فالمهم أن القرآن مبين لكل شيء، تارة يذكر الدليل على المسألة، وتارة يذكر التوجيه إلى الدليل فمثلًا: هناك مسائل لا توجد في القرآن وهي من أهم أحكام الإسلام كعدد الركعات في الصلوات، وتقدير أنصبة الزكاة، وما يجب فيها، وما أشبهها لكن في القرآن ما يشير إليه مثل قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (٢) فهذه الآية إذا وجهتها إلى السنة شملت جميع السنة، وشرعنا كله لا يعدو الكتاب والسنة، إذًا فالقرآن مبين لكل شيء، وهو أيضًا مبين لكل ما سبقنا من الحوادث التي يكون في بيانها مصلحة كقصص الأنبياء، وقصص الأولياء، وقصص المكذبين للرسل وغير ذلك، فكل ما سبق مما فيه مصلحة لنا فهو مذكور، أما ما ليس فيه مصلحة فإنه لا حاجة إلى ذكره، وقد يكون هذا الشيء الذي لم يذكر موكولًا إلى عقول الناس وتجاربهم، كما في كثير من طبائع الأشياء الأمور الطبيعية سواء الفلكية، أو الجولوجية، أو غير ذلك نجد أن القرآن لم


(١) سورة النحل، الآية: ٨٩.
(٢) سورة الحشر، الآية: ٧.

<<  <   >  >>