للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يفصلها ولم يبينها؛ لأنه ليس فيها فائدة، فائدتها تكمن في أن الناس يطلبونها وينظرون في آيات الله، ويتحركون حتى يدركوها، ولهذا تجد بعض المسائل التي يتنازع فيها الناس كمسألة دوران الأرض ليست موجودة في القرآن على وجه صريح، ولو كان هذا مما يتعين علينا اعتقاده إثباتًا أو نفيًا لكان الله عز وجل يبينه بيانًا واضحًا كما بين الأمور التي لابد لنا من الاعتقاد فيها على وجه صريح، إذًا هذه موكولة للناس، واستخراج ما في الأرض من المعادن وغيرها من المصالح العظيمة التي لم يطلع عليها إلا أخيرًا هذه أيضًا لم تذكر في القرآن، وإن كان في القرآن إشارة إليها، لكنه لم تذكر على وجه التفصيل بل قال الله تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ} (١) وقطع من صيغ جموع التكثير لو تقول: "إنها ملايين القطع" لم يخرج عن دلالتها، هذه القطع لولا أنها تختلف في منافعها وذواتها وكل ما يتعلق بها ما قال الله {قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ} إذًا هي متباينة. في هذه الآية تستطيع أن تقول: إن الله أرشدنا إلى استخراج المعادن من الأرض، لأن الله بين أنها قطع، وليست القطع التي فوق التراب فقط، ففيه أشياء كثيرة ما تعلم وربما تعلم في المستقبل، وربما بعضها علم الآن، فالقرآن مبين لكل شيء، وإذا تدبرت القرآن مرة بعد أخرى لا تعيد التدبر مرة ثانية إلا ظهر لك معنى جديدًا غير الأول، ولا يمكن لأحد أن يحيط بمعاني القرآن، لكن كلما تدبره الإنسان طالبًا للحق، مريدًا للصواب فإنه يهتدي إلى معاني كثيرة، سئل علي بن أبي طالب


(١) سورة الرعد، الآية: ٤.

<<  <   >  >>