للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[{يَرَوْا} يعلموا]. ففسر الرؤية هنا برؤية العلم، ويمكن أن يراد بها رؤية البصر، ورؤية البصر أشد وأقوى في التقرير من رؤية العلم، لأن رؤية العلم قد ينكر الإنسان، فيقول: أنا لا أعلم هذا، لكن رؤية البصر إذا كان الشيء أمامه لا يمكنه أن ينكر، والحقيقة أنها محتملة لهذا وهذا، فباعتبار أن الله خلق هذه الأشياء، لا شك أنها رؤية علم؛ لأننا لم نشهد خلق هذه الأشياء كما قال تعالى: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ} (١) وباعتبار المخلوق رؤية بصر؛ لأنه يشاهد ويعلم ولا يمكن إنكاره، قال المؤلف: [والاستفهام للتقرير، والواو الداخلة عليها للعطف] هل الواو داخلة أو مدخولة؟ المؤلف يقول: الواو على الهمزة" لكن نقول: دخلت الهمزة على الواو، فإذا قلت (سوف يقوم) فإن سوف دخلت على يقوم، فالداخل هو الأول، والمؤلف يقول: الواو الداخلة عليها، يشير إلى القول الثاني في مثل هذا التركيب وهو أن التقدير: (وألم يروا أنا خلقنا لهم) وهذا أحد القولين، فهنا المؤلف - رحمه الله - جعل الواو داخلة على الهمزة، والواقع أن الهمزة حسب الترتيب داخلة على الواو، ولكنه - رحمه الله - يرى أن في المسألة تقديمًا وتأخيرًا، وأن الواو داخلة على الهمزة في الأصل فأصله (وألم يروا) {أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ} قال: [في جملة الناس {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} عملناه بلا شريك ولا معين] {أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ} أي أوجدنا لهم من العدم أنعامًا، والله سبحانه وتعالى مختص بالخلق، فلا خالق إلا الله سبحانه وتعالى، وإضافة الخلق


(١) سورة الكهف، الآية: ٥١.

<<  <   >  >>