للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى المخلوق ليس على سبيل الإضافة بالنسبة إلى الله تعالى؛ لأن خلق الله تعالى للأشياء خلق إيجاد من عدم، وخلق المخلوق للأشياء ليس خلق إيجاد، ولكنه خلق تغيير من حال إلى حال، أو من وصف إلى وصف، فإذا نجرت الخشبة بابًا فقد خلقتها بابًا، لكن هل أنت أوجدت هذه الخشبة؟ الجواب: لا، لكن صيرتها إلى هيئة معينة، وهذا نوع من الخلق، ولهذا يقال: للمصورين يوم القيامة أحيوا ما خلقتم، مع أنهم لم يوجدوا الصورة من عدم، لكن غيروا ونقلوا من حال إلى حال، فالخلق الخاص بالله هو خلق الإيجاد، أما الخلق الذي يكون من المخلوق فما هو إلا تغيير وتحويل فقط {لَهُمْ} اللام في {لَهُمْ} للاستحقاق، ويصلح أن تكون للملك كما سيأتي في الآية نفسها {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا} أي مما عملنا وليس المعنى أن الله سبحانه وتعالى خلق هذه الأنعام بيده، لو كان أراد ذلك سبحانه وتعالى وكان الواقع كذلك لقال: (مما عملنا بأيدينا) كما قال تعالى في آدم يخاطب إبليس: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} (١) فهنا أضاف الخلق إلى نفسه وجعل المخلوق به اليد، أما هنا فأضاف العمل إلى اليد {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} فهو كقوله تعالى: {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} (٢) وما أشبهها مما يضاف فيه الفعل إلى اليد، والمراد الإنسان، كذلك هنا أضاف الله تعالى العمل إلى يديه والمراد نفسه، أي: مما عملنا، ولو قلنا: بأنه خلقها بيديه لكانت الأنعام أشرف من


(١) سورة ص، الآية: ٧٥.
(٢) سورة الشورى، الآية: ٣٠.

<<  <   >  >>