للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنه يجوز أن نركب ما لم تجر العادة بركوبه، مثل أن نركب البقر، ولهذا قال الفقهاء: يجوز الانتفاع بهذه الحيوانات في غير ما خلقت له.

فإن قلت: ما الجواب عن الحديث الصحيح: "بينما رجل راكب بقرة يسوقها، إذ التفتت إليه فقالت له: إنا لم نخلق لهذا، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فأنا أؤمن بذلك وأبو بكر وعمر" (١).

فالجواب على هذا أن نقول: إن هذا الرجل ركبها ركوبًا يشق عليها، وهي ما خلقت لتعذب، وهو كذلك حتى لو أن الإنسان ركب الإبل على وجه يعذبها قلنا له: إنها لم تخلق لهذا.

٣ - من فوائد الآية الكريمة: صحة نسبة العمل إلى الله؛ لقوله: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} لكن لا يسمى الله بالعامل، كما لا يسمى بالصانع أخذًا من قوله: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} (٢) وذلك لأن باب الخبر أوسع من باب الإنشاء والتسمية، فيجوز أن نشتق من كل اسم صفة، ولا يجوز أن نشتق من كل صفة اسمًا.

ولهذا نقول: (الصفات أوسع من الأسماء)، أي باب صفات الله أوسع من باب الأسماء، لأن كل اسم متضمن لصفة، وليس كل صفة تتضمن اسمًا.

٤ - ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات اليد لله عز وجل؛ لقوله: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا} وهذه اليد التي أضافها إلى نفسه يد حقيقية ثابتة، ولكن بدون أن تكون مماثلة لأيدي المخلوقين؛


(١) أخرجه البخاري، كتاب الحرث والمزارعة، باب استعمال بقر للحراثة (٢٣٢٤ ومسلم بمعناه، كتاب فضائل الصحابة (٢٣٨٨).
(٢) سورة النمل، الآية: ٨٨.

<<  <   >  >>