للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأن مماثلة الخالق للمخلوق ممتنعة غاية الامتناع عقلًا وسمعًا، قال الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (١) وقال: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} (٢) وأما العقل: فإن كل عاقل يدرك الفرق بين الخالق والمخلوق في الذات والصفات، فالواجب علينا أن نؤمن بكل ما وصف الله به نفسه من غير تمثيل.

ثم اعلم أن ما وصف الله به نفسه ينقسم إلى: صفات لازمة، وصفات غير لازمة، وإلى ما نظيره أجزاء وأبعاض لنا، فمثلًا: السمع، والعلم، والقدرة، والحياة هذه صفات لازمة، ويسميها أهل العلم الصفات الذاتية، ومثل: الاستواء على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا، والخلق وما أشبه ذلك، صفات غير لازمة، ويسميها أهل العلم: الصفات الفعلية. فالله لم يزل ولا يزال خالقًا، لكن المخلوق يتجدد، فكل خلق يتعلق بهذا المخلوق فإنه يكون حادثًا بعد أن لم يكن، ولكن هذا حدوث نوع، وليس حدوث جنس، لأن الله لم يزل ولا يزال خالقًا. والاستواء على العرش هذا لا شك أنه حادث؛ لأنه قبل العرش ليس مستو عليه، والذي نظيره أبعاض وأجزاء مثل: اليد، والوجه، والقدم، والعين، هذا نظيره بالنسبة لنا جزء من الذات، أو بعض منها، ولا يصح أن نقول: إنه جزء من الله، أو بعض من الله؛ لأن الله عز وجل لا يتجزأ ولا يتبعض، إذ إن الجزء ما جاز


(١) سورة الشورى، الآية: ١١.
(٢) سورة النحل، الآية: ٧٤.

<<  <   >  >>