للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجود أصله بعدمه، فبالنسبة لله لا يمكن أن يكون هكذا، يعني لا يمكن أن تنفصل اليد مثلًا - وحاشا لله عز وجل - أو الوجه، أو ما أشبه ذلك، بالنسبة للمخلوق يمكن أن تنفصل، ولهذا يجب أن نقول: ما نظيره أجزاء وأبعاض لنا، ولا نقول ما هو أجزاء وأبعاض لله؛ لأن هذا منكر غاية الإنكار.

واليد نقول: إنها حقيقية، ثابتة لله على الوجه اللائق به، ولكن لا تماثل أيدي المخلوقين، وهذا مذهب السلف، وعليه جرى أئمة المسلمين، لكن ابتلي قوم بتحريف اليد وقالوا: إنها النعمة، أو القوة، بناءً على أن عقولهم تحيل أن يتصف الله عز وجل باليد الحقيقية، ولا شك أن هذا ضلال وجناية على النصوص. أما كونه ضلالًا؛ فلأنهم حكموا على الخالق بعقولهم القاصرة، وهذا لا شك أنه ضلال، إذ كيف تحكم على الخالق بعقلك؟ والخالق عز وجل يقول عن نفسه: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} (١) ويقول: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} (٢) ويقول: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} وأنت تقول ليس له يد. سبحان الله؟ ولولا تأويلهم لها، وقولهم: نحن نثبت اليد ولكن المراد كذا. لكان هذا تكذيبًا للنصوص، ونحن نعلم أن المكذب للنصوص كافر.

وكان جناية على النصوص من وجهين؛ لأنهم يقولون: إن الله لم يرد كذا، وأراد كذا، فنفوا ما أراد الله، وأثبتوا ما لم يرده، فكان جناية على النصوص من الوجهين: السلبي والإيجابي.


(١) سورة المائدة، الآية: ٦٤.
(٢) سورة ص، الآية: ٧٥.

<<  <   >  >>