للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السلبي حيث نفوا ما أثبت الله، والإيجابي أثبتوا ما لم يرده الله. إذ قال الله عز وجل: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} (١) قالوا: أراد باليدين النعمة أو القوة. نقول - سبحان الله - من الذي أعلمك؟ الله يقول: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} وأنت تقول: ليس له يد، بل هي نعمة، من الذي قال لك هذا؟ فنفيك قول على الله بلا علم، وإثباتك لما أثبت قول على الله بلا علم، فكان جناية على النصوص من وجهين، والحقيقة أن الإنسان يعجب غاية العجب أن يسلك هذا المسلك أئمة مشهود لهم بالخير والصلاح ونفع الأمة، ولكنه يعرف بذلك تمام حكمة الله - عز وجل - وأن الإنسان مهما كان فهو ضعيف وقاصر، وإلا فالله سبحانه وتعالى يتحدث عن نفسه بحديث هو أصدق الحديث، وأحسن الحديث، وصادر من أعلم بما يقول. ثم نقول: الله ما أراد هكذا، فيجب أن نؤمن بأن الله له يد حقيقية لائقة به، لا تماثل أيدي المخلوقين بأي حال من الأحوال.

وهكذا يجب علينا أن نجري جميع آيات الصفات وأحاديثها.

فإن قيل: ما تقولون في تفسير بعض العلماء قوله تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} (٢) أي: بقوة.

فالجواب: أن نقول هذا صحيح (أيد) هنا بمعنى قوة، لأن أيدٍ مصدر أد، يئيد، أيدًا، كباع يبيع بيعًا، وكال يكيل كيلًا، ولا يجوز أن نقول هي كقوله: {أَيْدِينَا} لأن الله لم ينسبها إلى نفسه،


(١) سورة ص، الآية: ٧٥.
(٢) سورة الذاريات، الآية: ٤٧.

<<  <   >  >>