للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جمع. مع أن الأم تحجب من الثلث إلى السدس باثنين. وبقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الاثنان وما فوقهما جماعة" (١) أي: في الصلاة.

ولكن أكثر علماء اللغة -وهو المشهور- يقولون: إن أقل الجمع ثلاثة، وحينئذ يمكن الجمع.

الوجه الثاني: وهو أن نقول: إن المراد بالجمع في قوله تعالى: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} المراد به التعظيم، لأن الجمع يدل على التعظيم، ولهذا يأتي ضمير الجمع "نا" في مقام التعظيم. فكل ضمير أضافه الله إلى نفسه وهو (نا) فليس المراد به الجمع، بل المراد به التعظيم. فهنا الجمع للتعظيم، وللمناسبة أيضًا لأنه أضيف إلى ما يفيد الجمع فكان الأنسب أن يكون مجموعًا، فهذه المناسبة لفظية، وإرادة التعظيم مناسبة، معنوية. وبهذا يزول الإشكال.

فإذا قال قائل: لماذا لا تقولون: إن لله أيادي كثيرة؟

فالجواب: إن هذا يمنعه المعنى، لأن الله تعالى لما مدح وأثنى على نفسه بالعطاء لم يذكر إلا يدين اثنتين، ولو كان له أكثر لكان يذكر الأكثر؛ لأنه أبلغ في المدح. فلما قال: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} (٢) عُلم أنه ليس له إلا يدان اثنتان، ومثل ذلك قوله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} (٣) فأثبت القبضة بيد،


(١) أخرجه الإمام أحمد (٢٥٤٥) وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب الاثنان جماعة (٩٧٢).
(٢) سورة المائدة، الآية: ٦٤.
(٣) سورة الزمر، الآية: ٦٧.

<<  <   >  >>