للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[{خَلْقٍ} بمعنى مخلوق] فجعل المصدر بمعنى اسم المفعول، والذي يظهر أن المراد بالمصدر نفس المصدر، ومن المعلوم أنه لا مخلوق إلا بخلق، لكن إذا قال: {وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩)} صار في هذا نصن على علمه بالخلق أي: كيف يخلق، وكيف ينشأ الخلق، فيكون أدل على قدرته على إحياء الموتى مما إذا قلنا وهو بكل مخلوق، لأنك إذا قلت بكل مخلوق صار علمه بالمخلوق بعد خلقه، لكن إذا كانت الآية على ظاهرها {بِكُلِّ خَلْقٍ} يعني: أنه يعلم كيف يخلق، والعالم بكيفية الخلق إذا أراده لم يستعصِ عليه، لأنه إذا كان عالمًا لم يبق إلا الإرادة، وإذا أراده وهو بكل خلق عليم، صنع ما علم عز وجل، فكونه بكل خلق عليم دليل على أنه قادر على أن يعيده، لأن الذي يعجز إما أن يكون لعجزه، وإما يكون لجهله، هنا لما قال: {الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} هذه القدرة {وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩)} هذا انتفاء الجهل، فإذا انتفى العجز المستفاد من قوله: {الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} وانتفى الجهل المستفاد من قوله: {وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩)} صار الخلق ممكنًا.

الفوائد:

١ - من فوائد الآية الكريمة: بيان قوة الإقناع في إقامة الحجة من كلام الله عز وجل: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} فأقوى ما يسوق الحجج ويبينها هو كلام الله، لأن كلام الله عز وجل أبلغ الكلام وأحسنه، قال الله تعالى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ

<<  <   >  >>