للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تُوقِدُونَ (٨٠)} قال المؤلف: [أي: في جملة الناس {مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ} المرخ والعفار، أو كل شجر إلا العناب {نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (٨٠)}].

{الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا} {جَعَلَ} بمعنى صيَّر، والذي جعل لنا من الشجر الأخضر نارًا هو الله عز وجل، وأراد المؤلف بقوله: [في جملة الناس] أن هذا الجعل ليس خاصًّا بالمخاطبين، أي: برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم، بل هو عام لكل أحد، فهو جعل لهم في جملة الناس من الشجر الأخضر، المؤلف يقول: [المرخ والعفار]. وبناءً على كلامه تكون (ال) للعهد الذهني، ويكون عامًّا أريد به الخاص، ولكن سبق لنا أن هذا خلاف الظاهر، وأن (ال) الأصل فيها أنها تفيد الجنس، أي: العموم.

فالصواب أن المراد {مِنَ الشَّجَرِ} أي: من كل شجرة كما قال، وقوله: [إلا العناب] لا نعرف عن هذا شيئًا هل إنه مستثنى، وأن العناب لا يمكن أن تأتي منه النار - الله أعلم - على كل حال نحن نقول عندنا الأصل: {مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا} عامة، والشجر الأخضر فيه الرطوبة، والرطوبة يلزم منها البرودة، والنار التي تخرج من هذا الشجر الرطب البارد، يابسة وحارة، فهذا اليابس الحار متولد من رطب بارد، ولا يخفى ما بين الرطوبة والبرودة وبين الحرارة واليبوسة من التنافر العظيم.

فإذا كان الله عز وجل يولد هذا الشيء الذي بينه وبين المولد منه من التنافر ما هو ظاهر، فهو قادر على إحياء العظام وهي

<<  <   >  >>