للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} (١) وهذا أمر معلوم بالحس والمشاهدة، فالبشر كلهم لا يساوون كوكبًا من الكواكب، فما بالك بهذه الكواكب والنجوم التي لا يحصيها إلا الله عز وجل، والسماوات العظيمة التي قال الله تعالى فيها: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (٤٧)} (٢)؟ والذي خلق السموات والأرض أفلا يكون قادرًا على خلق الناس؛ الجواب: بلى والله، فالذي خلق هذه الأجرام العظيمة بما أودعها من المصالح العظيمة، قادر على أن يخلق مثلهم بالأولى والأحرى، وهذا هو الدليل الرابع.

قال: {وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (٨١)} قال المؤلف: [الخلاق: الكثير الخلق، فجعل فعّالًا من صيغة المبالغة، ولا شك أن الله عز وجل كثير الخلق، لكن ينبغي أن نقول أيضًا: إن فعّالًا هنا نسبة، أي: أنه موصوف بالخلق، ووصفه بالخلق أبلغ من وصفه بإيجاد الخلق، أو بفعل الخلق، يعني أننا لو قلنا: فلان نجار. ماذا يفيد قولنا: (إنه نجار) إذا جعلناه من باب النسبة، وماذا يفيد إذا جعلناه من باب المبالغة؟ إذا جعلناه من باب المبالغة: فالمعنى أنه كثير النجارة، فنجار يعني كثير النجارة، ولكن هل هو مجيدها؟ وهل هو مستحق لأن يوصف بهذه المهنة فيقال نجار؟ وهل النجارة وصفه، بمعنى أنه حاذق متقن لها؟ لا يلزم قد يكون وقد لا يكون.


(١) سورة غافر، الآية: ٥٧.
(٢) سورة الذاريات، الآية: ٤٧.

<<  <   >  >>