للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أراد شيئًا أن يقول له: {كُنْ} فيكون، فلا يحتاج إلى إحضار آلات بناء مثلًا، أو إلى جنود يساعدونه، ولا إلى أن يعمل بيده عز وجل، بل يقول: {كُنْ} فيكون. وقوله -رحمه الله-: [شأنه] قد ينازع فيها، ويقال: إن المراد بالأمر أمر التكوين، يعني أمره أن يقول: {كُنْ} بدون أن يكرر كما في قوله: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (٥٠)} (١) فجعل الأمر واحد الأوامر. والمؤلف يريد أن يجعل الأمر واحد الأمور.

ويمكن أن نقول بالأمرين جميعًا نقول: شأنه عز وجل في تمام قدرته أن يقول للشيء: (كن) فيكون، وأمره إذا أراد الشيء أن يقول: (كن) بدون تكرار، {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣) فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (١٤)} (٢). {إِذَا أَرَادَ شَيْئًا} قال المؤلف رحمه الله: [أي خلق شيء {أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)} أي: فهو يكون]. والأولى أن لا نقيد {شَيْئًا} بالخلق، بل نقول: إذا أراد شيئًا خلقًا، أو إعدامًا، فالأولى إبقاء الآية على إطلاقها {شَيْئًا} سواء كان خلقًا، أو إيجادًا، أو إعدامًا وإتلافًا. ولكن الذي حمل المؤلف -رحمه الله- على أن يقول: [خلق شيء] لأن السياق للاستدلال على الخلق، وهو الإيجاد، فلهذا خصها به، ولكننا إذا قلنا: إنها على إطلاقها فإنها لا تمنع الخلق كما لا تمنع الإعدام. فالأولى أن يقال: {إِذَا أَرَادَ شَيْئًا} أي إيجاد شيء وخلقه، أو إعدامه.


(١) سورة القمر، الآية: ٥٠.
(٢) سورة النازعات، الآية: ١٣.

<<  <   >  >>