للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد يعتذر عن المؤلف فيقال: إن الإعدام فيه نوع خلق؛ لأن إتلاف الشيء القائم خلق، ولهذا قال الله عز وجل: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} (١) مع أن الموت عدم وفناء، والأمر في هذا سهل، قال: {أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)} {كُنْ} هنا الظاهر أنها تامة، وإذا جعلناها ناقصة صار المعنى: كن كذا. أي: تحول إلى كذا، لكن إذا جعلناها تامة صار المعنى أشمل، لتشمل ما أراد الله تعالى تحويله من شيء إلى شيء، وما أراد الله إيجاده أصلًا. يعني {كُنْ} أي: أن يوجد ويتكون، أو (كن كذا) أي بأن يكون الطويل قصيرًا، والقصير طويلًا وما أشبه ذلك، فإذا جعلناها تامة صار هذا أشمل {فَيَكُونُ (٨٢)} قال المؤلف: يقول: [فهو يكون، وفي قراءة بالنصب عطفًا على {يَقُولَ}] قراءتان سبعيتان لأنه قال: [في قراءة] واصطلاح المؤلف -رحمه الله- إذا كانت القراءتان سبعيتين أن يقول: (وفي قراءة) وإذا كانت إحداهما شاذة قال عن الشاذة (قُرِئَ). في قوله: {فَيَكُونُ (٨٢)} على قراءة الرفع بالفاء هنا للاستئناف، وجملة (يكون) خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير فهو يكون، أما على قراءة النصب فهي معطوفة على {أَنْ يَقُولَ} للشيء: كن فيكون، والفاء على كلا الوجهين دالة على الترتيب والتعقيب، يعني أن الشيء يكون فورًا بدون تأخير، وقد بين الله تعالى سرعة هذه الفورية في قوله: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (٥٠)} (٢) ولمح البصر ليس شيء أسرع


(١) سورة الملك، الآية: ٢.
(٢) سورة القمر، الآية: ٥٠.

<<  <   >  >>