للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويحرص عليها حرصًا تامًّا، وهذا معنى قوله تعالى: {وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ} إذًا الراجح من القولين أن قوله: {بِالْغَيْبِ} يعود على الخاشي أي يخشى الله تعالى غائبًا عن الخلق، ويخشي الله تعالى بخشية غائبة لا تظهر للعيون، ولا تسمعها الآذان، وهي خشية القلب.

أما قول المؤلف: [ولم يره] واعتبر أن الغيب هنا حال من المخشي، فهذا فيه نظر؛ لأن الله عز وجل لا يُري في الدنيا، ولكن آياته البينة الظاهرة كأن الإنسان يري ربه، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك" (١). فآيات الله سواءً الآيات الكونية، أو الآيات الشرعية كلما تأمل فيها الإنسان ظهر له بها وجود الخالق، وظهر له كل ما تضمنته هذه الآيات من صفاته، ظهورًا بينًا كأنما يشاهد الله عز وجل، فالصواب إذًا المعنى الأول لأننا نقول: وإن لم نر الله لكَن نرى من آياته ما يدلنا دلالة قطعية يقينية على وجوده وعظمته، قوله: {فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ} بعد قوله: {تُنْذِرُ} من باب المتقابلات تنذر فينتفع بالإنذار، وإذا انتفع بالإنذار حصل له الثواب فاستحق البشارة ولهذا قال: {فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (١١)} هو الجنة بمغفرة للذنوب، وأجر كريم على فعل الحسنات، والكريم يتضمن:

١ - كرم الذات العيني.

٢ - وكرم الصفات، كقول النبي عليه الصلاة والسلام:


(١) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان (١) (٨).

<<  <   >  >>