"إياك وكرائم أموالهم"(١). يعني الكريم بذاتها وصفاتها، الأجر الكريم بذاته إذا نظرنا إلى نعيم الجنة بذاته، وجدنا أنه كريم أكرم وأجمل وأحسن وأنفع من نعيم الدنيا، ففي الجنة فاكهة، ونخل، ورمان، وعسل، وخمر إذا نسبت هذا إلى نعيم الدنيا وجدت أنه أكرم من نعيم الدنيا بذاته، وبصفاته أيضًا، طعمه ورائحته وغير ذلك هو أيضًا أكرم.
٣ - كريم أيضًا من حيث المقابلة، فالحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة. والأجر في الدنيا يكون بقدر العوض، تبيع على سيارة بعشرة آلاف ما أعطيك إلا عشرة ما أزيد، لكن في الآخرة أجر الآخرة أكرم وأعظم، لأنك تبذل واحدًا وتُعطي عشرة إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة.
فصار كرم الأجر في الآخرة من عدة وجوه في: عينه، وصفته، ومقابلته أو معاوضته، فإنه أعظم بكثير من عوض الدنيا وأجر الدنيا [وأجر كريم هو الجنة] هذا تفسير للمراد، لا للمعني، ولا شك أن الجنة تشتمل على ما ذكرنا.
* الفوائد:
١ - من فوائد هذه الآية: أنه لا ينتفع من إنذار الرسول عليه الصلاة والسلام إلا من اتصف بهذين الوصفين {إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ}.
٢ - ومن فوائدها: صحة نفي الشيء إذا كان لا ينتفع به وإن
(١) أخرجه البخاري، كتاب الزكاة، باب أخذ الصدقة من الأغنياء (١٤٩٦) ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام ٢٩ (١٩).