للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم - ومن لا ينتفع، بين أن كلًّا منهم سوف يحيا بعد موته، وسوف يجازى على عمله، فالمناسبة ظاهرة ففيها بشارة للمؤمن المنتذر، وفيها إنذار وتخويف لمن خالف.

المناسبة الثانية: أن الله تعالى لما ذكر حال هؤلاء المكذبين فإن تكذيبهم بمنزلة الموت، وإذا كان الله قادر على إحياء الموتى إحياءً حسيًّا فهو قادر على إحياء هؤلاء الموتى بالكفر إحياءً معنويًّا. قال: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى} {إِنَّا} ضمير جمع، والله عز وجل واحد، فتحمل هذه على التعظيم قطعًا. {نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى} {نَحْنُ} ضمير فصل؛ لأنها لو سقطت وقيل: "إنا نحيي الموتى" استقام الكلام، فهي ضمير فصل للتخصيص يعني: نحن لا غيرنا، {الْمَوْتَى} جمع ميت، ويشمل الموتى من بني آدم وغيرهم، لكن قوله: {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} يدل على التخصيص، وهذا له نظائر في القرآن والسنة، إذا جاء لفظ عام، ثم ذكر بعده حكم يختص ببعض أفراده، فهل هذا يخصص العموم أو لا يخصصه؟

إذا نظرنا إلى تصرف العلماء -رحمهم الله- وجدنا أنهم أحيانًا يجعلونه مخصصًا للعموم، وأحيانًا لا يجعلونه مخصصًا للعموم، فمثلًا قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} (١) هذه الآية فيها عموم، وفيها حكم يختص ببعض أفراد هذا العموم. فقوله


(١) سورة البقرة، الآية: ٢٢٨.

<<  <   >  >>