المؤلف على سبيل المثال، وهذا الذي قاله المؤلف -رحمه الله- أن المراد بالآثار ما كان بعد موت الإنسان هذا هو الصحيح.
وذهب بعض المفسرين إلى أن المراد بالآثار: الآثار التي يتقدموا بها إلى الطاعة، كالمشي إلى الصلوات، فإن الله تعالى يكتب للإنسان كل خطوة فيرفع له بها درجة، ويحط عنه بها خطيئة. واستدل هؤلاء بأن النبي عليه الصلاة والسلام قال لبني سلمة:"دياركم تكتب آثاركم"(١)، فجعل الرسول عليه الصلاة والسلام الآثار تكتب، ولكن هذا الاستدلال فيه نظر؛ لأن قول الرسول "تكتب آثاركم" هذا مما قدموه في حياتهم، ولكن سماه أثرًا لأنه أثر، وهو المشي والمسير، فالصواب أن الآية كما قال المؤلف أن المراد بما قدموا: ما سبق من أعمال صالحة في حياتهم حتى آثار مسيرهم إلى المساجد، وآثارهم ما كان بعد موتهم. قال: {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (١٢)} قال المؤلف: [{أَحْصَيْنَاهُ} ضبطناه]، والإحصاء بمعنى الضبط مأخوذ من الحصى، لأن العرب أمة أمية لا يكتبون، يضبطون الأشياء بالحصى وشبهها، ويقدرون بالرمح وما أشبهه، لا يقرءون ولا يكتبون، فكانوا إذا أرادوا ضبط الشيء أخذوا حصى، فإذا سألوا كم عدد القوم؟ أعطوه كيس الحصى، ولهذا قال الشاعر:
ولست بالأكثر منهم حصى ... وإنما العزة للكاثر
ولست بالأكثر منهم حصى، يعني أن قومك ليسوا بكثيرين، ويضرب المثل فيقال: جاء قوم كُثرُ الحصى، فأحصيناه