للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مثلهم، حتَّى لو أنزل إليهم ملائكة فإن الملائكة لابد أن يكونوا على صورة البشر، وحينئذ تعود الشبهة.

الثانية: ما أنزل الرحمن من شيء، فهذا نفي مجرد بدون ذكر حجة، وليس هذا بدليل للخصم إطلاقًا، لأن نفي قول الخصم بدون حجة ما هو إلَّا مكابرة.

الثالثة: وكذلك قوله: {إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (١٥)}.

٧ - فوائد الآية الكريمة: بيان أن المعاندين للرسل ليس عندهم إلَّا المكابرة المحضة كقولهم: {وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ} وقولهم: {إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (١٥)}.

٨ - أن حكمة الله عَزَّ وَجَلَّ تقتضي أن يرسل للبشر بشرًا مثلهم.

٩ - ومن فوائد الآية الكريمة: جواز التأكيد بما يشبه القسم لقولهم: {قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (١٦)}. وهل هذا أقوى من التأكيد بالقسم، أو التوكيد بالقسم أقوى؟ الظاهر أن هذا أقوى من التوكيد بالقسم، لأنهم إذا قالوا {رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (١٦)} وإن لم يكونوا مرسلين استلزم قولهم هذا وصف الله بالجهل والعجز والقصور، لأنهم إذا قالوا: ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون، ولم يكونوا مرسلين، معناه: أن الله علم الحال على خلاف ما كانت عليه، إذا فرضنا أن الله يعلم أنهم مرسلون وهم غير مرسلين في الواقع، لزم من ذلك أن يكون الله جاهلًا بحالهم، وأن يكون الله تعالى عاجزًا عن الانتقام منهم وبيان كذبهم، لأنهم سيقولون: إنا مرسلون، ويأخذون بمقتضى هذه الرسالة، والله تعالى يعلم

<<  <   >  >>