للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالْأَرْضِ} (١) وقال: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (٢) فالذي فطر الخلق لأول مرة وعلى غير مثال سابق هو الله تعالى، فإذن يجب أن يكون هو المعبود، أما أن تعبد غير الله، وهذا الغير لا يخلق بل هو مخلوق كما قال الله عَزَّ وَجَلَّ: {لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (٢٠)} (٣) فكيف يصح أن يعبد هؤلاء، فهذا الرجل من فقهه وحكمته وحسن دعوته أنَّه قرن الحكم بالدليل، {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} هذا مما يؤيد ما قلنا من أنَّه يريد قومه، لكن من باب التلطف في خطابهم قال: {وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي} كما تخاطب صاحبك الآن تحاوره أو تخاصمه تقول: ما لي لا أفعل كذا. وكذا يعني ما المانع؟ فإذا كان لا مانع لي، فهو لا مانع لك أيضًا، قال المؤلف - رحمه الله -: {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٢)} هو أبعد الموت فيجازيكم بكفركم، لو قال المؤلف: بعملكم، لكان أشمل، لأنه يجازيهم بالكفر إن استمروا عليه، ويجازيهم بالإسلام إن أسلموا، فلو عبر المؤلف بقوله: (سيجازيكم بعملكم) لكان أولى.

الفوائد:

١ - من فوائد الآية الكريمة: بيان نصح هذا الرجل لقومه من وجهين:

الوجه الأول: أنَّه جاء من مكان بعيد، {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ}.


(١) سورة فاطر، الآية: ١.
(٢) سورة البقرة، الآية: ١١٧.
(٣) سورة النحل، الآية: ٢٠.

<<  <   >  >>