للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الثاني: أنَّه جاء يشتد {يَسْعَى} فيستفاد منه أنَّه ينبغي للإنسان انتهاز الفرص في إنذار قومه ومناصحتهم، وأن لا يتوانى، فيقول: غدًا أذهب إليهم، أو في آخر النهار، أو ما أشبه ذلك، فيبادر بالنصيحة والموعظة؛ لأن هذا الرجل جاء يسعى.

٢ - من فوائد الآية الكريمة: أنَّه يجوز للإنسان أن يبادر بالإنذار قبل أن يقدم له مقدمة إذا دعت الحاجة إلى ذلك، لقوله: {اتَّبِعُوا} أمرهم من أول الأمر، ولم يأتِ بمقدمة تهيئهم للقبول. لأن الحال تستدعي ذلك.

٣ - ومنها أيضًا: أنَّه ينبغي التلطف بالقول في دعوة الغير لقوله: {يَاقَوْمِ} فإن هذا يستوجب اتباعه، وقبول نصحه، لأن للإنسان حدبًا وشفقة على قومه.

٤ - من فوائد الآية الكريمة: أن الرسل عليهم الصلاة والسلام لا يسألون الناس أجرًا على ما أتوا به من الدلالة والهداية لقوله: {اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا}.

٥ - ومن فوائدها: أنَّه ينبغي أن يقدم الوصف الموجب للقبول، قبل الوصف المفضل للقبول. فهنا قال: {اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (٢٠)} والرسالة وصف يقتضي وجوب قبول المرسل.

{اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا} هذا من باب الكمال.

٦ - ومن فوائدها: أنَّه ينبغي للداعية إلى الله عَزَّ وَجَلَّ أن يترفع عن أخذ ما في أيدي الناس من الأموال حتَّى وإن أعطوه، لأنه ربما تنقص منزلته إذا قبل ما يعطى من أجل دعوته وموعظته، لأن الرسل عليهم الصلاة والسلام لا يسألون الناس أجرًا لا بلسان

<<  <   >  >>