الحال، ولا بلسان المقال، وبه نعرف قبح ما يعمله بعض الناس - وإن كان والحمد لله قد قل - يقوم ويعظ الناس موعظة قد تكون بليغة، فإذا انتهى قال: إني في حاجة وصاحب عائلة وما أشبه ذلك، فصارت الموعظة للدنيا.
فهل يستفاد منه هذا أنَّه لا يجوز أخذ الأجر على تعليم العلم، لما فيه من المخالفة لطريق الرسل، أو يقال لا. لأن الذي لا يجوز الأخذ عنه الدعوة لله عَزَّ وَجَلَّ، فهذه لا يجوز أخذ الأجر عليها لوجوب الدعوة على الإنسان، أما التعليم الذي يحتاج إلى معاناة وإلى تعب وإلى تفهيم خاص فهذا لا بأس به، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام:"إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله"(١).
هل يستفاد من الآية: أنَّه لا يجوز أخذ رزق من بيت المال للدعوة والإرشاد؟
الجواب: لا يستفاد، ولكن لا شك أن التنزه عن ذلك أولى، فكون الإنسان يذهب يدعو إلى الله عَزَّ وَجَلَّ بدون أن يأخذ مقابلًا ولا من الحكومة، لا شك أن هذا أفضل، وأقرب إلى الخلاص وأشد وقعًا في نفوس الناس، حتَّى وإن لم يعلموا أنَّه لم يأخذ؛ لأن الله تعالى يلقي ذلك في قلوب الناس، أي يلقي القبول من هذا الناصح أو الداعي، وإن لم يعلموا أنَّه لا يأخذ شيئًا.
(١) أخرجه البخاري، كتاب الإجارة، باب: ما يعطى في الرقية على أحياء العرب بفاتحة الكتاب (٢٢٧٦) ومسلم، كتاب السلام، باب: جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار (٦٥) (٢٢٠١).