للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نحلتهم بصبغة القبول، فيجب الحذر من التلبيس في التسمية؛ لأن هؤلاء يقولون: نعبد الآلهة ليكونوا شفعاء لنا. وهم في الحقيقة إنما جعلوهم شركاء.

٨ - ومن فوائد الآية الكريمة: أنَّه لا أحد ينقذ من أراده الله تعالى بضر لقوله: {وَلَا يُنْقِذُونِ (٢٣)}.

فإن قلت: كيف يجتمع هذا مع أننا نشاهد الغريق عصفت به الريح حتَّى سقط في الماء فجاء شخص فأنقذه، فهذا أنقذه مما أراده الله عَزَّ وَجَلَّ به من السوء؟

فالجواب أن نقول: أن إنقاذه بتقدير الله عَزَّ وَجَلَّ، لو شاء الله سبحانه وتعالى أن يهلك هذا الرجل لم يكن عنده أحد، ولو شاء الله أن يهلك لكان عنده من لا يجيد السباحة، ولو أراد الله أن يهلك لكان عنده من لا يريد الإحسان، فإذا قيض الله له شخصًا قادرًا على إنقاذه محبًا للإحسان أنقذه بقدر الله عَزَّ وَجَلَّ، ونحن نؤمن بالأسباب، ولكن لا نؤمن بأنها مستقلة، فنكونُ وسطًا بين الذين ينكرون تأثير الأسباب، وبين الذين يدعون أنَّها مؤثرة بنفسها.

فنقول: هي مؤثرة لكن بجعل الله لها تأثيرًا، ولو شاء الله تعالى لسلب الأسباب تأثيرها، فالنار محرقة، وقال الله تعالى لها حين ألقي فيها إبراهيم عليه الصلاة والسلام: {كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (٦٩)} (١) فصارت بردًا وسلامًا ولم تكن سببًا للإحراق، والماء جوهر سيال لا يمكن حجزه إلَّا بحاجز، ولما ضرب موسى


(١) سورة الأنبياء، الآية: ٦٩.

<<  <   >  >>