للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التوحيد"، والمعطلة يسمون أنفسهم "أهل التنزيه"، يقولون: نحن ننزه الله، أما أنتم أهل السنة لا تنزهون الله جعلتموه صنمًا فمثلتموه بالخلق في إثبات الصفات. وهؤلاء أيضًا المعتزلة يقولون: نحن نفينا الصفات لنوحد الله، لأن تعدد الصفات يستلزم تعدد الموصوف، فهذا تمويه، والمعتزلة ينكرون أن يكون لله تعالى تعلق بفعل العبد، فيسمون أنفسهم أهل العدل، ويقولون أنتم يا أهل السنة أهل الظلم جعلتم الله ظالمًا حيثما هو الذي يقدر المعاصي على العبد ثم يعاقبه عليها، أما نحن فنحن أهل العدل نقول: الإنسان هو المستقل بنفسه وعمله، فإذا جوزي على معصيته فقد استحق الجزاء، لأنه فعله. والنصارى سموا أنفسهم بالمسيحيين تلطيفًا لحالهم، ليوهموا أنهم على دين المسيح، والواقع أن المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام بريء منهم وأنهم ليسوا على دينه، إذ لو كانوا على دينه وقابلين له لقبلوا بشارته بمحمد - صلى الله عليه وسلم - فإن عيسى عليه الصلاة والسلام بشرهم به، وقال: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} (١) ولو كانوا مؤمنين بالإنجيل لآمنوا بمحمد عليه الصلاة والسلام، لأن الله يقول: {الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ} (٢) فهم لا آمنوا بعيسى، ولا بكتاب عيسى وهو الإنجيل، لكن مع ذلك سموا أنفسهم بالمسيحيين تلطيفًا لما هم عليه من الباطل؛ ليصبغوا


(١) سورة الصف، الآية: ٦.
(٢) سورة الأعراف، الآية: ١٥٧.

<<  <   >  >>