للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَرْجِعُونَ (٤١)} (١) إذًا فلا منافاة بين قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الشر ليس إليك" وبين مثل هذه الآية {إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ}.

٦ - ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات صفة الرحمة لله عَزَّ وَجَلَّ مؤخوذة من قوله: {الرَّحْمَنُ}، لأن الرحمن وصف مشتق، والوصف المشتق يدل على المعنى المشتق منه، ولابد، بخلاف الأسماء الجامدة، كأسد، وحجر، وتراب، وما أشبهها هذه لا تدل على معنى، لكن الأسماء المشتقة لابد أن تدل على معنى، هذا بالنسبة إلى أسماء الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وكتابه، أما بالنسبة لمن تسمى بها من المخلوقين فقد تدل على المعنى وقد لا تدل، فقد نسمي شخصًا عبد الله وهو كافر بالله، وقد نسمي شخصًا محمدًا وهو مذمم، وقد نسمي خالدًا وهو سيموت، وقد نسمي صالحًا وهو من أفسد الناس.

٧ - ومن فوائد الآية الكريمة: أن عابدي الأصنام يموهون على الناس بعبادتهم، فيدعون أنهم يعبدونها لتكون شفيعًا لهم عند الله، وهذا عندما يسمعه السامع يظن أنهم يجعلون الآلهة في مرتبة دون الله؛ لأن مرتبة الشَّافع دون مرتبة المشفوع إليه.

فيقولون: (إنهم شفعاء لنا إلى الله)، والحقيقة أنهم لم يجعلوهم شفعاء، بل جعلوهم شركاء لله؛ لأنهم يعبدونهم كما يعبدون الله، فيستفاد منه الحذر من التلبيس في الأسماء أو بالتسمية، وأن صاحب الباطل قد يسمي نفسه بما يقتضي أن يكون على حق، وليس كذلك. فالمعتزلة - مثلًا - يسمون أنفسهم "أهل


(١) سورة الروم، الآية: ٤١.

<<  <   >  >>