للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالجواب: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقل: "الشر ليس منك"، بل قال: "الشر ليس إليك" والله عَزَّ وَجَلَّ قد يريد الشر، لكن إرادته الشر خير، فالشر في مفعوله، لا في فعله، فقد يريد الله وقوع الشر، لكنه لمصلحة عظيمة، هذه المصلحة نفت نسبة الشر لله، ولهذا يفرق بين الشر منك، والشر إليك، فالشر لا يضاف إلى الرب، ولكن يضاف إلى المفعولات والمخلوقات، مع أن هذه المفعولات والمخلوقات شر من وجه، وخير من وجه، ففعله سبحانه وتعالى كله لحكمة وغاية محمودة، وانظر مثلًا إلى المرض إذا أصاب الإنسان، فلا شك أنَّه شر بالنسبة لصحته، ولكن لا تشعر بنعمة الصحة، لكن إذا مرضت شعرت بقدر النعمة، (وبضدها تتبين الأشياء)، فأنت الآن تتنفس النفس، تتنفس وأنت تأكل، تتنفس وأنت تتكلم، تتنفس وأنت قائم، وأنت قاعد، وأنت مضطجع، لا تحس بأي شيء، لكن لو قدر الله تعالى أن يحبس نفسك، ويصبح عندك ضيق تنفس عرفت قدر النفس، فالحاصل أن هذا الشر شر نسبي في الواقع حتَّى بالنسبة لمن وقع عليه.

مثال آخر: الفيضانات، والزلازل، والجدب، شرور، لكن بالنسبة إلى تقدير الله لها هي خير، فهي شر بالنسبة لمن أصابتهم، لكن خير بالنسبة للآخرين يتعظون ويخافون، وقد تكون خيرًا لأولئك المصابين بحيث يرجعون إلى الله عَزَّ وَجَلَّ، ويعرفون أن المعصية عاقبتها وخيمة {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ

<<  <   >  >>