للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَقْصُروا العامَّ على الخاصِّ؛ لأنَّهم أَعلمُ مِن أن يَقتَصِروا على بَعضِ أفرادِ العامِّ مثلًا، لكنَّهم يُريدونَ التَّمثيلَ.

مِثالُ ذلك: قال بَعضُ العُلماءِ: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} [فاطر: ٣٢] قال: الظَّالمُ لنَفسِه الَّذي يُؤخِّرُ الصَّلاةَ عن وقتِها، المُقتَصِدُ الَّذي يُصلِّيها في آخِرِ الوقتِ، السَّابقُ بالخَيراتِ الَّذي يُصلِّيها في أَوَّلِ الوقتِ.

هذا لا شكَّ أنَّه حَصرٌ بل لا شكَّ أنَّه تَخصيصٌ لعامٍّ، فنَقولُ: أَرادوا بذلك التَّمثيلَ.

ويَرِدُ علينا كَثيرًا سُؤالُ: هل الأفْضلُ طَلبُ العِلمِ أو الِاشتِغالُ بالدَّعوةِ؟

والواقعُ أنَّه سُؤالٌ غَيرُ محُرَّرٍ:

أوَّلًا: أنَّه يُمكنُ الجَمعُ بين هذا وهذا، ونحن نَعلَمُ أنَّ الدَّاعيَةَ ليس يَشغَلُ وقتَه من صَلاةِ الفَجرِ إلى ما بعدَ صَلاةِ العِشاءِ وهو يَدعو أبدًا، هل أَحَدٌ مِنَ الدُّعاةِ يَفعلُ هكذا، يَدعو نِصفَ ساعَةٍ هُنا ويصفَ ساعَةٍ هُناك، وأمَّا أن يَبقى لا يَسكُتُ من صَلاةِ الفَجرِ إلى أن يُصلِّيَ العِشاءَ، لا يُمكنُ لا بدَّ مِن فَتراتٍ، فلا يَتعذَّرُ الجمعُ بينَ الدَّعوَةِ إلى اللهِ وطَلبِ العِلمِ، يَطلُبُ العِلمَ ساعةً أو ساعَتين، ثُمَّ يَدعو نِصفَ ساعةٍ مثلًا فلا منافاةَ، هذه واحدةٌ.

ثانيًا: أنَّه لا يُمكنُ الدَّعوَةُ إلى اللهِ بلا عِلمٍ والدَّعوةُ إلى اللهِ عن جَهلٍ قد يكونُ فيها مِنَ الضَّررِ أَكثَرُ من عَدمِ الدَّعوةِ، فكَثيرٌ مِنَ الدُّعاةِ، يَكونُ عندَه غَيْرَةٌ ومَحبَّةٌ للخَيرِ فتَجِدُه يُحرِّمُ الحَلالَ أو يوجِبُ ما ليس بواجبٍ بِناءً على ما عِندَه مِنَ الغَيرَةِ،

<<  <   >  >>