يُقلِّبُها حيثُ يَشاءُ، لا تَستبعِدُ هذه الأمورَ بَيدِ اللهِ، وكم مِن عَدوٍّ انقَلَب صَديقًا وصَديقٌ انقلَبَ عَدوًّا.
يَقولُ المُفسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [{فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}، فيَصيرُ عَدوُّك كالصَّديقِ القَريبِ في محبَّتِه إذا فَعلتَ ذلك، فالَّذي مُبتدأٌ وكأنَّه الخَبرُ وإذا ظَرفٌ لِمَعنى التَّشبيهِ].
قال اللهُ تَعالى:{فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ} أَعرَبَها المفسِّر: يَقولُ: {الَّذِي} مُبتدأٌ {بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَة} , هذا صيغَةُ المَوصولِ {كَأَنَّهُ} الخَبرُ خَبرُ المُبتدأِ {الَّذِي}، و (إذا) في قولِهِ: {فَإِذَا الَّذِي} ظَرفٌ لمعنى التَّشبيهِ الَّذي هو {كَأَنَّهُ}؛ لأنَّ التَّشبيهَ مُضَمَّنٌ مَعنى الفِعلِ؛ فلذلك صَحَّ أن يَتعلَّقَ به الظَّرفُ، هذا ما ذَهَبَ إليه المفسِّر بالنِّسبَةِ لـ (إذا)، والصَّحيحُ أنَّ (إذا) فُجائيَّةٌ لا تَحتاجُ إلى مُتعلِّقٍ.
قال اللهُ تَعالى:{وَمَا يُلَقَّاهَا} قال المفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [أي: يُؤتى الخِصلَةَ]. وقيل: مَعناها لا يُوَفَّقُ لها، والمَعنى مُتقارِبٌ، يَعني: لا يَنالَ أحدٌ هذه الخِصلَةَ، وهي الدِّفاعُ بالَّتي هي أَحسنُ {إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا}.
وهذه الجُملَةُ فيها حَصرٌ، طَريقُه النَّفيُ والإثباتُ:{وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا}.
وقَولُه:{إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا} أي: حَبَسوا أَنفُسَهم وأَجبَروها على تَحمُّلِ هذا الأمرِ؛ وذلك لأنَّ هذا الأمرَ شَديدٌ إذ إنَّ النُّفوسَ تُحبُّ الانتِقامَ ممَّن أساءَ إليها، لكن قال:{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}؛ لهذا قال:{وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا}، فكُلُّ إنسانٍ سوف