للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد ذَكَرَ بَعضُ الجامِعينَ لما يَجِبُ أن يَقتَرِنَ بالفاءِ جَمَعَ ذلك في بَيتٍ هو (١):

اسمِيَّةٌ طَلبيَّة وبجامِدٍ وبما ... قد وبلن وبالتَّنفيسِ

قال اللهُ تَعالى: {فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ} وهُم المَلائِكَةُ {يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}.

يَقولُ المُفسِّرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ: [{يُسَبِّحُونَ} هو أي: يُصَلُّون]، وهذا نَعَمْ له وِجهَةُ نَظَرٍ، لأنَّ السِّياقَ في السُّجودِ ويُمكِنُ أن نَقولَ: يُسبِّحونَ بما هو أَعمُّ مِنَ الصَّلاةِ أي: يَقولون: سُبحانَ اللهِ والحَمدُ للهِ وما أَشبَهَ ذلك مِن كُلِّ ما فيه تَنزيهٌ للهِ - عَزَّ وَجَلَّ - عمَّا لا يَليقُ به.

وقَولُه: {يُسَبِّحُونَ لَهُ} هو أي للهِ، واعْلَمْ أنَّ التَّسبيحَ مَعناه التَنّزيهُ، فما الَّذي يُنزَّهُ اللهُ عنه؟

يُنزَّهُ اللهُ تَعالى عن كُلِّ نَقصٍ، فهو - عَزَّ وَجَلَّ - مُنزَّهٌ عن كُلِّ نَقصٍ، لا يُمكِنُ أن يَعتَرِيَه نَقصٌ بأيِّ حالٍ مِنَ الأحوالِ.

ثانيًا: يُنزَّهُ عن كُلِّ نَقصٍ في كمالِه فلا نَقصَ في سَمعِه ولا بَصَرِه ولا قُدرَته ولا قُوَتِه.

الثَّالثُ: يُنزَّهُ عن مُماثَلةِ المَخلوقينَ فلا يُماثلُ المَخلوقَ أبدًا بأيِّ حالٍ مِنَ الأحوالِ، والتَّماثُلُ بينَ الخالِق والمَخلوقِ مِن أكبرِ المُحالِ.

فما يُنَزَّهُ اللهُ عنه ثَلاثَةُ أشياءَ:

الأَوَّلُ: النَّقصُ لا يُمكنُ أن يَعتَرِيَه نَقصٌ إطلاقًا.


(١) انظر النحو الوافي (٤/ ٤٦٣).

<<  <   >  >>