الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: الرَّدُّ على عابدِ الشَّمسِ والقَمرِ؛ لقَولِه:{لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ}، استنبَطَ بَعضُ العُلماءِ من تلكَ الآيَةِ فائدَةً وهي مَشروعِيَّةُ صَلاةِ الكُسوفِ، قال: لأنَّ اللهَ قال: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ}، ولم يَقُلْ: للَّيلِ وللنَّهارِ وذلك لأنَّ الشَّمسَ والقَمرَ إذا تَغيَّرتا فَقدْ يَنشأُ في قَلبِ عابِدِهما أن يَسجُدَ لهما كالتائِبِ، فقال: لا تَسجُدوا للشَّمسِ ولا للقَمرِ واسجُدوا للهِ الَّذي خَلَقَهما، وهذا الاستِنباطُ فيه شَيءٌ مِنَ البُعدِ لكنَّه ليس مُمْتنعًا أنْ يَكونَ في ذلك إِشارَةٌ إلى مَشروعِيَّةِ صَلاةِ الكُسوفِ.
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أنَّه لا يُمكنُ لإنسانٍ يَدَّعي أنَّه يَعبُدُ اللهَ حقًّا أن يَسجُدَ لغَيرِ اللهِ؛ لقَولِه:{إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}.
الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: التَّحدِّي لمَنْ أَشرَكَ باللهِ - بأيِّ نَوعٍ مِنَ الشِّركِ - أن يَكونَ عابدًا حقًّا للهِ، فالمُرائي مَثلًا نَقولُ: إنَّك لم تَعبُدِ اللهَ حَقًّا لم تُفرِدْه بالعِبادةِ لأنَّك أَردتَ بعِبادتِك التَّقرُّبَ إلى المَخلوقينَ؛ ولهذا قال:{إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}.
الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: أنَّ المُستكبرينَ عن عِبادةِ اللهِ لن يَضُرُّوا اللهَ شيئًا؛ لقَولِه:{فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ}.
الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: استدَلَّ بها بَعضُهم على أنَّ المَلائِكَةَ أفضلُ مِنَ البَشَرِ، وعَلَّلَ ذلك بأنَّ المَلائكةَ ليس فيهم مُشِركٌ؛ لقَولِه:{الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ} وبنو آدَمَ فيهم مُؤمنٌ وكافِرٌ والجِنسُ الَّذي ليس فيهم مُشرِكٌ خَيرٌ مِنَ الجِنسِ الَّذي يَكونُ فيه مُشرِكٌ ومُوحِّدٌ.