للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كَثيرا وذَكَرَ غَيرُنا أَيضًا أنَّ عُلُوَّ اللهِ ثابتٌ بالأَدلَّةِ كلِّها، وهيَ الكتابُ والسُّنَّةُ والإجماعُ والعقلُ والفِطرةُ، كُلُّها مُتَّفِقةٌ على عُلُوِّ اللهِ.

الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: إِثباتُ هَذَينِ الِاسمَينِ -الحَكيمِ والحَميدِ- للهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، وإثباتُ مَا تضمَّناه مِنَ المَعاني والصِّفَاتِ.

فإِنْ قال قائِلٌ: ما مَدَى صِحَّةِ تَسميةِ اللهِ تَعالَى بالطَّبيبِ والنَّظيفِ؟

فالجَوابُ: أمَّا الطَّبيبُ فَوَرَدَ عن أَبي بَكْرٍ - رضي الله عنه - أنَّه قالَ: "إنَّ الطَّبيبَ رَآني، فقالَ: إنِّي أَفعلُ ما أُريدُ" (١)، وهَذا لا بَأْسَ بهِ في مَقامِ الخَبرِ، لكنْ ليسَ في التَّسميةِ، وأمَّا النَّظيفُ فوَرَدَ أيضًا في حديثٍ (٢).

الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: أنَّه لَا يَجوزُ لِأحدٍ أنْ يُشرِّعَ شَرعًا من عِندِه، يُؤخَذُ مِن قَولِه: {حَكِيمٍ} بمعنى حاكمٍ؛ لأنَّ مِن الحُكمِ الحُكمَ بينَ النَّاسِ، فالحُكمُ إمَّا أنْ يَكونَ حُكمًا في النَّاسِ أو أنْ يَكونَ حُكمًا بينَ النَّاسِ، فَلا يَجوزُ لِأحدٍ أنْ يَحكُمَ بينَ النَّاسِ إلَّا بِما أَنزلَ اللهُ؛ لأنَّ الحُكمَ للهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [الأنعام: ٥٧]، وليس لنا أنْ نَتجاوزَ حَدَّ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- في الحُكمِ على أَحدٍ بالفِسقِ أو البِدعةِ أَوِ الكُفرِ أَوِ الإيمانِ وصِحَّةِ العَقيدةِ إلَّا بدَليلٍ مِن الشَّرعِ، يَعني: إلَّا إذا عَرَضنا ما عليه عَلَى الكتابِ والسُّنَّةِ، وإِلَّا: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ} [المؤمنون: ٧١].

الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: أنَّ اللهَ تَعالى محمودٌ، بِناءً على أنَّ (حَميد) اسمُ مَفعولٍ، واللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - يُحمَدُ عَلى كلِّ حالٍ، فعَلى السَّرَّاءِ واضحٌ أنَّه يُحمَدُ؛ لأنَّهُ أَحْسَنَ إلَيكَ ورَأَفَ


(١) أخرجه الإمام أحمد في الزهد رقم (٥٨٧).
(٢) أخرجه الترمذي: كتاب الأدب، باب ما جاء في النظافة، رقم (٢٧٩٩)، من حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>