للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أمَّا قَولهُم: {لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ}، فنَقولُ: هي مُفصَّلةٌ، لَكنَّها حُجَّةٌ لو كانَ القرآنُ أَعجميًّا، وعَلى هَذا يَكونُ قَولهُم صَحيحًا لَوْ كانَ القرآنُ باللُّغةِ الأعجميَّةِ، حُجَّةً في قَولهِم: {لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ}، وحقًّا في قَولهِم: {أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ}.

يَقولُ المفسِّرُ - رَحِمَهُ اللهُ -: [بِتَحقيقِ الهمزةِ الثَّانيةِ] أَنْ تَقولَ: {أَأَعْجَمِيٌّ} كَما هي القِراءةُ المَشهورةُ [وقَلْبُها أَلِفًا] {أَأَعْجَمِيٌّ قَلَبْنا الثَّانيةَ أَلِفًا [بِإشباعٍ ودونِه] يَعني: أَنَّك تَمُدُّ الأَلِفَ مَدًّا طَبيِعيًّا أو تَمُدُّها مَدًّا زائدًا عَلى ذَلكَ، والمَدُّ الطَّبيعيُّ قَولُه: ودونه، والمدُّ الزَّائدُ قَولُه: بِإِشباعٍ، وعَلَى هَذا فَيَكونُ فيها ثَلاثُ قِراءاتٍ: "أَأَعْجَىٌّ" "أَأَعْجَىٌّ" {ءَاْعْجَمِىٌّ} ثَلاثُ قِراءاتٍ.

والقِراءاتُ كَما هو مَعلومٌ كُلُّها سُنَّةٌ؛ لِأنَّها ثَبتتْ عَنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ويَنبَغي لِلإنسانِ الَّذي أَتقنَها وحَفِظها أنْ يَقرأَ بِهذا مَرَّةً، وبِهذا مَرَّةً كَما نَقولُ في العِباداتِ الَّتي وَرَدت عَلى وُجوهٍ مُتنوِّعةٍ: إِنَّه يَنْبغِي أَنْ تَفْعلَ هَذَا مَرةً وهَذا مَرَّةً.

ولَكنْ لا نَقرأُ بِما يُخالِفُ القُرآنَ الَّذي بَينَ أَيْدي العَوامِّ بِقِراءةٍ أُخرى، فَنَرى أَنَّ مِن عَدَمِ الحِكمةِ ما يَفعلُهُ بَعضُ الطَّلبةِ إِذَا كَانَ يَعرفُ القِراءاتِ أَنْ يَقرأَ بِالقِراءةِ الَّتي لَيست بَينَ أَيْدي العَوامِّ، فإِنَّ هَذا خَطأٌ عَظيمٌ؛ لأَنَّ العامِّيَّ لا يُدركُ هَذِهِ الأشياءَ، وسَوفَ يَهبِطُ قَدْرُ القُرآنِ في نَفسهِ وتَقِلُّ عَظمتُه عِندَه، ثُمَّ رُبَّما يَتَّهِمُ هَذا القارِئَ بِأنَّه أَخطأَ وغَلِطَ، فَإِذا كانَ الصَّحابةُ - رضي الله عنهم - تَنازَعوا وهُم مَنْ هُمْ في اخْتلافِ القِراءاتِ فَكيفَ بِعَوامِّ هَذا الزَّمانِ.

قَالَ اللهُ تَعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} أي: قُل يا مُحمَّدُ في جَوابِهم.

يَقولُ المفسِّرُ - رَحِمَهُ اللهُ -: [{قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى} مِنَ الضَّلالةِ {وَشِفَاءٌ} مِنَ الجهلِ]، {هُوَ} الضَّميرُ يَعودُ على القُرآنِ الذِّكرِ {لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى} أي:

<<  <   >  >>