الثَّالِثُ: تَقْديمُ ما حقُّه التَّأخيرُ، مِثْلَ: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [البقرة: ٢٨٤].
الرَّابع: دُخُولُ ضَمِيرِ الفَصْلِ، مِثْلَ أنْ تَقولَ: زيْدٌ هُوَ الفاضِلُ، فإنَّ ضَميرَ الفَصْلِ يُفيدُ الحَصْرَ.
هَذِه أرْبعَةُ طُرُقٍ، وهِي الأكْثَرُ دَوَرانًا.
وقَوْلُه: {فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ} {فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ} الظَّاهِرُ أنَّها مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِ الرَّسولِ -صلَّى اللهُ علَيهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ- الَّذي أمَرَ أنْ يَقولَه، ومَعْنى "استَقِيموا إلَيْهِ": أيِ اسْتَقِيمُوا على دِينِه قاصِدين إلَيْه؛ فهِي تُفِيدُ الإخْلاصَ في الْعَملِ.
فقَوْلُه: "استَقِيموا إلَيْه"، أي: اقْصُدُوا، ولهِذا لمْ يَقُلْ: استَقِيموا لَه، بلْ قالَ: "إلَيْه"، فضَمَّنَ "استَقِيموا" مَعْنى اقْصُدوا إلَيْه، فتكونُ أبْلَغ مِن "استَقِيموا لَه"، لأنَّ المُستَقيمَ لِلشَّيءِ قدْ يَستَقيمُ لَه وهُوَ في مَكانِه دُونَ أنْ يَسْعى إلَيْه، أمَّا إذا قِيلَ: "اسْتَقيموا إلَيْه" فتُفيدُ السَّعْيَ إلى اللهِ عَزَّ وَجلَّ وقَصْدِه؛ فلِهذا عُدِّيَت بـ"إلى"؛ فهَل هُنا نابَ حَرْفٌ عَن حَرْفٍ، أو إنَّ الحَرْفَ على مَعْناه، ولكنْ ضُمِّنَ الفِعلُ ما يُناسِبُ الحرفَ؟
الجَوابُ: فيها قَولان:
أحدُهما: أنَّ الِاستِعارَة في الحرْفِ، يَعنِي: أنَّ الباءَ بِمعْنى "مِن" أي: يَشْرَبُ مِنها عِبادُ اللهِ، والعَينُ يُشرَبُ مِنها باليَدِ، أو بالإناءِ، أو بأيِ وسيلةٍ.
القوُل الثَّاني: أنَّ الاستِعارَة في الفِعلِ؛ أي: أنَّ "يشْرَبُ" ضُمِّنَ فِعلًا يُناسبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute