الفائِدةُ الثَّانيةُ: هذِه الرَّواسِي إذا كانَت مِن فوْق حصَل فِيها مِن المَنافِعِ في درْءِ العَواصِفِ وفِي الملاجئِ شَيْءٌ كثِيرٌ، كما هُو معْرُوفٌ في المَغاراتِ، وكما يُعرَفُ مِن سُفوحِ الجِبالِ وخُدودِ الجِبالِ ورُؤوس الجِبالِ، مِن نَوابِتَ لا تُوجَدُ لولا هذِه المُرتَفَعاتُ.
الفائِدةُ الثَّالِثةُ: أنَّها تُوجِبُ أنْ تنْدَفعَ مِياهُ الأمْطارِ بشِدَّةٍ حتَّى تصِلَ إلَى أراضٍ صالحِةٍ للنَّباتِ؛ لأنَّكم تعْرفون أنَّ بعضَ الأرضٍ سبَخاتٌ ليْس فيها خَيْرٌ وبعضُها رِياضٌ تُنبِتُ، فإِذا نَزَل الماءُ على هذِه الجِبالِ على قِمَمِها وعلَى خُدودَها نزَلَ إلَى الأرْضِ بشِدَّةٍ عظيمَةٍ حتَّى يصِلَ إلَى ما أرادَ اللهُ إيْصالَه.
الفائِدةُ الرَّابِعةُ: أنَّ في قِمَمِ الجِبالِ مِن المَعادنِ الجيِّدةِ أكثَرُ مِمَّا في الأرْضِ السُّفلَى؛ ولهِذا قال تَعالَى: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} [الحديد: ٢٥]، أنْزَلْناه مِن قِمَمِ الجِبالِ؛ ولهِذا يَقولُ العُلَماءُ رَحِمَهُم اللَّهُ: "إنَّ الحدِيدَ الَّذي يَكونُ مِن قِممِ الجِبالِ أعلَى وأقوَى مِن الَّذي يَكونُ مِن الأسْفَلِ".
هَذا ما نَعْلَمُه، وما لا نعْلَمُه أكْثَرُ.
المُهِمُّ: أنَّ كلِمةَ {مِنْ فَوْقِهَا} لَها فائِدةٌ عظِيمَةٌ ذكَرْنا مِنها أربَعَ فوائِدَ.
وقولُه: {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا}، قال المُفسِّرُ: [بِكثْرةِ المِياهِ والزُّرُوعِ والضُّروعِ] "بارَك فِيها" أي في الأرْضِ، وما أعظَمِ برَكاتِ الأرْضِ مِنَ الزُّروعِ والأشْجارِ والأنْهارِ والمَعادِنِ، وغيرِها مِن برَكاتِ الأرْضِ!
وقوْلُ المُفسِّرِ: [الضُّرُوع] يعنِي ضُروعَ البَهائِمِ؛ لأنَّ البَهائِمَ كلَّما شبِعتْ مِن الرَّبِيعِ ازدادَ دَرُّها، ومَن يتَأمَّلْ يجِدْ أنَّ في الأرْضِ برَكاتٍ عظِيمَةٍ؛ فقَد حمَلتِ الأحْياءَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute