وقَد ذَكَرنا أنَّ المُعجِزاتِ تَأتِي آيات، وتَأتِي مِن الشَّياطِينِ بِواسِطةِ السَّحَرةِ وغَيْرِ ذلِك، لكِن إذا قُلْنا: "آياتٍ" صار مَعناها عَلاماتٌ دالَّةٌ على الحَقِّ.
يَقولُ المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا}، بارِدةٌ شَديدَةُ الصَّوْتِ بِلا مَطَرٍ].
قَولُه تَعالَى: {رِيحًا صَرْصَرًا}، {رِيحًا} هُنا نَكِرَةٌ يُرادُ بِها التَّعظِيمُ؛ أيْ: رِيحٌ عَظِيمةٌ صَرْصرٌ شَدِيدَةُ الصَّوْتِ، تَسْمَعُ لها صَوتًا كالرَّعدِ مْن شِدَّتِها وشِدَّةِ اصْطِدامِها بالهَواءِ والأشْجارِ والأحْجارِ والبُيوتِ.
وقَولُ المُفَسِّرِ: [بِلا مَطَرٍ] الظَّاهِرُ أنَّها لا يَدُلُّ علَيْها السِّياقُ المَوجُودُ الآنَ، المَوجُودُ في هَذه الآيَةِ لا يدُلُّ على أنَّها بِلا مَطَرٍ - فِيما ظَهَر لِي - لَكِنَّه قَدْ دَلَّ علَيْه قَولُه تَعالَى: {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} [الذاريات: ٤١]، يَعنِي: الَّتي لَيسَ فيها مَطَرٌ؛ لأنَّ المَطَرَ مِن أسْبابِ الرِّياحِ، يُرسِلُها اللهُ تَعالَى {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ} [الروم: ٤٨]، لَكِنَّ رِيحَ عادٍ لَيسَ فِيها ذَلِك.
يَقولُ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ} بِكَسر الحاءِ وسُكُونِها، مَشؤُوماتٌ عَلَيهِم].
قَولُه تَعالَى: {فِي أَيَّامٍ} هَذِه الأيَّامُ بيَّن اللهُ قَدْرَها في آياتٍ أُخرَى في قَولِه: {سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا} [الحاقة: ٧]، ابْتدَأت بِالفَجْرِ، وانْتَهت بِه أو بِالغُرُوبِ. ابْتدَأتْ بِالفَجْرِ، فانْظُرْ: الأوَّلُ والثَّاني والثَّالثُ والرَّابعُ والخامِسُ والسَّادِسُ والسَّاجُ، سَبع لَيالٍ وثَمانيةُ أَيَّامٍ تَنتَهي بالغُرُوبِ، وسَبْعُ لَيالٍ؛ لِأنَّ اللَّيلَةَ الأُولَى حُذِفَتْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute