للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن سقطات الشعراء ما قيل: إن أبا العتاهية كان من نقده للشعر كثير السقط روي أنه لقي محمد بن مناذر، فمازحه وضاكه، ثم إنه دخل على الرشيد فقال: يا أمير المؤمنين هذا شاعر البصرة يقول: قصيدة في كل سنة، وأنا أقول في السنة مأتي قصيدة فأدخله الرشيد إليه فقال: ما هذا الذي يقول أبو العتاهية؟ فقال: محمد بن مناذر يا أمير المؤمنين لو كنت أقول كما يقول:

ألا يا عتبة الساعة ... أموت الساعة الساعة

كنت أقول كثيراً لكني أقول:

إن عبد الحميد يوم تولى ... هد ركناً ما كان بالمهدود

ما درى نعشه ولا حاملوه ... ما على النعش من عفاف وجود

فأعدب الرشيد قوله، وأمر له بعشرة آلاف درهم، فكاد أبو العتاهية يموت غيظاً وأسفاً.

وكان بشار بن برد يسمونه إمام المحدثين، ويسلموا إليه في الفضلية، وبعض أهل اللغة يستشهدون بشعره، لزوال الطعن عليها فيها، فمع ذلك قال في شعره:

إنما عظم معلمي جستي حبني ... قصب السكر لا عظم الحمل

وإذا أوتيت أدنيت منها بصلاً ... غلب المسك على ريح البصل

وأين هذا من قول الآخر؟ !

إذا قامت لمشيتها تثنت ... كأن عظامها من خيزران

قال أبو الطيب أحمد بن الحسين المتنبي، في قوم هربوا وتفرقوا عن قتل ممدوحه:

وضاقت الأرض حتى صار هاربهم ... إذا رأى غير شيء ظنه رجلا

ومما خرج عليه قوله:

فقلقت بالهم الذي قلق الحشا ... قلاقل عيس كلهن قلاقل

وأقبح من ذلك قوله:

ونهب نفوس أهل النهب أولى ... بأهل المجد من نهب القماش

أخذه من قول أبي تمام:

إن الأسود أسود الغاب همتها ... يوم الكريهة في المسلوب لا السلب

<<  <  ج: ص:  >  >>