في وصف الغلمان
شادن يضحك عن الأقحوان، ويتنفس عن الريحان، كأن قده خوط بان سكران من خمر طرفه، وبغداد مشرقة من حسنة وظرفه، الشكل كله في حركاته، وجميع الحسن بعض صفاته، كأنما وسمه الجمال بنهايته، ولحظة الفلك بعنايته، فصاغه من ليله ونهار، حلاه جدوده بنجومه وأقماره، ونقشه ببديع آثاره، ورمقه بنواظر سعوده وجعله بالكمال أجد جدوده بروده له طرة كالغسق على غرة، جاء في غلالة تنم على ما يستره وتحفو مع رقتها ما يظهره، إن كانت عقرب صدغه تلسع، فترياق ريقته ينفع، إذا تكلم يكشف حجاب الزمرد والعقيق، عن سمطى الدر الأنيق، لعب ربيع الحسن في خده فأنبت البنفسج في ورده.
للأمير أبي الفتح الحاتمي
أما ترى الخمر مثل الشمس في قدح ... كالبدر فوق يد كالغيث إذ صابت
فالكأس كافورة لكنها انحجرت ... والخمر ياقوتة لكنها ذابت
كتب علي بن صلاح الدين يوسف ملك الشام، إلى الإمام الناصر لدين الله، يشكو أخويه أبا بكر وعثمان، وقد خالفا وصية أبيهم له شعر:
مولاي إن أبا بكر وصاحبه ... عثمان قد غصبا بالسيف حق علي
وكان بالأمس قد الاه والده ... في عهده فأضاعا الأمر حين ولي
فانظر إلى حظ هذا الاسم كيف لقي ... من الأواخر ما لاقى من الأول
إذ خالفاه وحلا عقد بيعته ... والأمر بينهما والنص فيه جلي
فوقع الخليفة الناصر على ظهر كتابته بهذه الأبيات:
وافي كتابك يا ابن يوسف منطقا ... بالحق يخبر أن أصلك طاهر
منعوا علياً إرثه إذ لم يكن ... بعد النبي له بيثرب ناصر
فاصبر فإن غداً على حسابهم ... وأبشر فناصرك الإمام الناصر
للصاحب إسماعيل بن عباد
أبا حسن لو كان حبك مدخلي ... جحيماً فإن الفوز عندي جحيمها
فكيف يخاف النار من هو مؤمن؟ ! ... بأن أمير المؤمنين قسيمها
قيل: إن البليغ من يحرك الكلام على حسب الأماني، ويخيط الألفاظ على قدر المعاني، والكلام البليغ كل ما كان لفظه فحلاً، ومعناه بكراً.