للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالت عجوز لزوجها: أما تستحي أن تزني؟ وعندك حلال طيب، قال: أما حلال فنعم وأما طيف فلا.

وقال ملك لوزيره: ما خير ما يرزق الله العبد، قال: عقل يعيش به، قال: فإن عدمه، قال مال يستره، قال: فإن عدمه، قال: فصاعقة تحرقه وتريح منه العباد والبلاد.

وحكي عن الشريف المرتضى رضي الله عنه أنه كان جالساً في علية له تشرف على الطريق فمر به ابن المطرز الشاعر يجر نعلاً له بالية، وهي تثير الغبار، فأمر بإحضاره وقال: له أنشد أبياتك التي تقول فيها:

إذا لم تبلغني إليكم ركائبي ... فلا وردت ماء ولا رعت العشبا

فأنشده إياها، فلما انتهى إلى هذا البيت أشار الشريف إلى نعله البالية، وقال: أهذه كانت من ركائبك؟ فأطرق ابن المطرز ساعة، ثم قال: لما عادت هبات سيدنا الشريف إلى مثل قوله:

وخذ النوم من جفوني فإني ... قد خلعت الكرى على العشاق

عادت ركائبي إلى مثل ما ترى، لأنك خلعت ما لا تملكه على من لا يقبل، فاستحى الشريف منه، وأمر له بجائزة، فأعطوه.

ورد على أبي الطيب كتاب جدته لأمه من الكوفة، تستجفيه وتشكو إليه شوقها وطول غيبته عنها، فتوجه نحو العراق ولم يمكنه دخول الكوفة على تلك الحالة، فانحدر إلى بغداد، وقد كانت جدته يئست منه، فكتب إليها كتاباً يسألها المسير إليه، فقبلت كتابه وحمت لوقتها سروراً به، وغلب الفرح على قلبها فقتلها، فقال يرثيها شعراً:

ألا لا أرى الأحداث حمداً ولا ذما ... فما بطها جهلاً ولا كفها حلما

إلى مثل ما كان الفتى يرجع الفتى ... يعود كما أبدى ويكري كما أرى

أحن إلى الكأس التي شربت بها ... وأهوى لمثواها التراب وما ضما

بكيت عليها خيفة في حياتها ... وذاق كلانا ثكل صاحبه قدما

ولو قتل الهجر المحبين كلهم ... مضى بلد باق أجدت له صرما

منافعها ما ضر في نفع غيرها ... تغذي وتروي إن تجوع وإن تظما

<<  <  ج: ص:  >  >>