للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عرفت الليالي قبل ما صنعت بنا ... فلما دهتني لم تزدني بها علما

أتاها كتابي بعد يأس وترحة نزحة ... فماتت سروراً بي فمت بها هما

حرام على قلبي السرور فإنني ... أعد الذي ماتت به بعدها سما

تعجب من خطي ولفظي كأنها ... ترى بحروف السطر أغربة عصما

وتلثمه حتى أصار مداده ... محاجر عينيها وأنيابها سحما

رقى دمعها الجاري وجفت جفونها ... وفارق حبي قلبها بعدما أدمى

ولم يسلها إلا المنايا وإنما ... أشد من السقم الذي أذهب السقما

طلبت لها حظاً ففاتت وفاتني ... وقد رضيت بي لو رضيت لها قسما

فأصبحت أستسقي الغمام لقبرها ... وقد كنت أستسقي الوغا والقنا الصما

وكنت قبيل الموت أستعظم النوى ... فقد صارت الصغرى التي كانت العظما

هبيني أخذت الثار فيك من العدى ... فكيف بأخذ الثأر فيك من الحمى

وما انسدت الدنيا علي لضيقها ... ولكن طرفاً لا أراك به أعمى

فيا أسفي أن لا أكب مقبلاً ... لرأسك والصدر الذي ملئا حزما

وأن لا ألاقي روحك الطيب الذي ... كأن ذكي المسك كان له جسما ولو لم تكوني بنت أكرم والد ... لكان أباك الضخم كونك لي أما

لئن لذ يوم الشامتين بيومها ... فقد ولدت مني لآنافهم رغما

تغرب لا مستعظماً غير نفسه ... ولا قابلاً إلا لخالقه حكما

ولا سالكاً إلا فؤاد عجاجة ... ولا واجداً إلا لمكرمة طعما

يقولون لي ما أنت في كل بلدة ... ما تبتغي ما أبتغي جل أن يسمى

كان بينهم عالمون بأنني ... جلوب إليهم من معادنه اليتما

وما الجمع بين الماء والنار في يدي ... بأصعب من أن أجمع الجد والفهما

ولكنني مستنصر بذبابه ... ومرتكب في كل حال به القشما

وعاجلة جاعلة يوم اللقاء تحيتي ... وإلا فلست السيد البطل القرما

وإني من قوم كأن نفوسهم ... بها أنف أن تسكن اللحم والعظما

كذا أنا يا دنيا إذا شئت فاذهبي ... ويا نفس زيدي في كرائمها قدما

<<  <  ج: ص:  >  >>