أنه كان مقلداً حال مضاجعته لها سيفاً؛ وأنها كانت تتجافى عنه استثقالاً له ثم قال بعد كلام: والذي يقوي في نفسي أن امرأ القيس لم يعن هذا المعنى، وإنما عني أنها تتجافى عن الحديث المأثور بيني وبينها من الوشايات، والسعايات التي يقصد بها الوشاة تفريق الشمل وتقطيع الحبل، وإنها تعرض عن ذلك كله، وتطرحه، وتقبل على ضمي، واعتناقي وإدخالي معها في غطاء واحد، ثم قال، ولفظة مأثور تصلح للحديث وللسيف فمن أين لنا بغير دليل القطع على إحدى المعنيين؟ فالأولى التوقف عن القطع، ثم أنه طول الكلام ورجح في آخره إن إرادة الكلام أولى، ثم قال. ولم أحجد ما بين امرئ القيس: وبين أبي الطيب من ألم بهذا المعنى، ثم أورد لأبي الطيب قوله:
وقد طرقت فتاة الحي مرتدياً ... بصاحب غير عز هاة ولا عزل
فبات بين تراقينا ندفعه ... وليس يعلم بالشكوى ولا القبل
ثم أنه أورد بعد كلام طويل يستغرق بياض الصفحة أبياتاً لأخيه الشريف الرضي في هذا المضمون، وقال ما وجدت لأحد من الشعراء بين المتنبي وبين أخي الرضي شيئاً في هذا المعنى ووجدت له رحمة الله عليه، أبياتاً جيدة هي هذه:
تضاجعني الحسناء والسيف دونها ... ضجيعان لي والعضب أدناهما مني
إذا دنت البيضاء مني لحاجة ... أبى الأبيض الماضي فماطلها عني
وإن نام لي في الجفن انسان ناظر ... تيقظ مني ناظر لي في الجفن
أغرت فتاة الحي مما ألفتني ... أعلله بين الشعار من الظن
وقالوا هبوه ليلة الأمن ضمه ... فما عذره في ضمه ليلة الأمن
ثم قال وهذه الأبيات استوفت هذا المعنى واستوعبته واستغرقته، وطول الكلام في مدحها ثم قال في ديوان شعري نظم هذا المعنى في اقطاع، أنا أثبتها لتعلم زيادتها على ما تقدم ورجحانها فمن تلك الاقطاع قولي:
لما اعتنقنا ليلة الرمل ... ومضاجعي ما بيننا نصلي
قالت أما ترضي ضجيعك من ... جسمي الرطيب ومعصمي الطفل
ألا احتملت فراق نصلك ذا ... في هذه الظلماء من أجلي
انظر إلى ضيق العناق بنا ... تنظر إلى عقد بلا حل
لا بيننا يجري العقار ولا ... فصل به لمدبة النمل