للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في بعض التواريخ المعتمدة عليها أن معن بن زائدة كان يتصيد، فعطش فلم يكن في تلك الحال مع غلمانه ماء، فبينما هو كذلك إذ مر به جاريتان من حي هناك، في جيد كل واحدة قربة من الماء، فشرب منهما، وقال لغلمانه: هل معكم شيء من نفقتنا؟ فقالوا: ليس معنا شيء، فدفع لكل منهما عشرة أسهم من سهامه كان نصالها من تبر، فقالت إحداهما للاخرى: ويحك ما هذه الشمايل إلا لمعن بن زايدة، فليقل كل منا في ذلك شيئاً، فقالت إحداهما:

يركب في السهام نصار تبر ... ويرميها العدى كرماً وجودا

فللمرضى علاج من جراح ... وأكفان لمن سكن اللحودا

وقالت الاخرى

ومحارب من فرط جود بنانه ... عمت مكارمه الأقارب والعدا

صيغت نصال سهامه عن عسجد ... كيلا يعوقه القتال عن الندىفي كشف الغمة عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه أنه قال: جعت يوماً بالمدينة فخرجت أطلب العمل في عوالي المدينة، إذاً أنا بامرأة قد جمعت مدراً، فظننتها تريد بله فقاطعتها كل ذنوب على تمرة، فملئت ستة عشر ذنوباً حتى مجلت يداي ثم أتيت الماء، فأصبت منه ثم أتيتها، فقمت بكفي هكذا بين يديها، وبسط الراوي كفيه، فعدت لي ستة عشر تمرة، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فأكل معي منها.

قولهم: إن سر الحقيقة مما لا يمكن أن يقال له محملان: إحداهما - أنه مخالف لظاهر الشريعة في نظر العلماء: فلا يمكن قوله: وعلى هذا جرى قول زين العابدين عليه السلام.

يار ب جوهر علم لو أبوح به ... لقيل لي أنت ممن تعبد الوثنا

ولاستحل رجال مسملون دمي ... يرون أقبح ما يأتونه حسنا

الثاني: إن العبارات قاصرة عن أدائه وغير وافية ببيانه فكل عبارة قربته إلى الذهن من وجه أبعدته عنه من وجوه.

كلما أقبل فكري ... فيك شبراً فر ميلا

وعلى هذا جرى قول بعضهم:

وإن قميصاً خيط من نسج تسعة ... وعشرين حرفاً من معاليك قاصر

<<  <  ج: ص:  >  >>