ولو أمكنه أن يجعلنا ونفسه بحيث نقف على وجود ذلك، لم يتم لنا به الإنتقال إلى المغيبات، فإنّ الأمور المغيبة التي في طريق الحدوث، إنّما تتم بمخالطات بين الامور السماوية والامور الأرضية المتقدمة؛ والاحقة فاعلها ومنفعلها طبيعيها وإراديّها، وليست تتم بالسماويات وحدها، فما لم يحط بجميع الأمرين وموجب كل منهما خصوصاً ما كان متعلقاً بالمغيب، لم يتمكن من الإنتقال إلى المغيب، فليس لنا إذاً اعتماد على أقوالهم، وإن سلمنا متبرعين أنّ جميع ما يعطوننا من مقدماتهم الحكمية صادقة، إنتهى كلام الشيخ في الشفاء.
عن محمد بن عبد العزيز قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: يا عبد العزيز الإيمان على عشر درجات بمنزلة السلم يصعد منه مرة بعد مرة، فلا يقول صاحب الواحدة لصاحب الإثنين لست على شيء، حتى ينتهي إلى العاشرة، ولا تسقط من هو دونك، فيسقطك من هو فوقك، وإذا رأيت من هو أسفل منك درجة، فارفعه إليك برفق، ولا تحمل عليه مما لا يطيق فتكسره، فإنّه من كسر مؤمناً فعليه جبره، وكان المقداد في الثامنة، وأبو ذر في التاسعة، وسلمان في العاشرة.
قال في كامل التواريخ في سنة خمس وثمانين وأربعمائة ومات في هذه السنة عبد الباقي محمد بن الحسين الشاعر البغدادي، وكان يتهم بأنّه يطعن على الشرائع، فلما مات كانت يده مقبوضة، فلم يطق الغاسل فتحها، فبعد جهد فتحت فإذاً فيها مكتوب:
نزلت بجار لا يخيب ضيفه ... ارجّي نجاتي من عذاب جهنم
وإنّي على خوفي من الله واثق ... بإنعامه والله أكرم منعم من كامل التواريخ في حوادث سنة ٦٠٣: ما صورته: في هذه السنة قتل صبي صبياً ببغداد كانا يعاشران وعمر كل منهما يقارب عشر سنة، فقال أحدهما للآخر: ألا إن أضربك بالسكين وأهوى بها نحوه، فدخل رأسها في جوفه، فمات، فهرب القاتل ثم أخذ وأمر بقتله فلما أرادوا قتله، طلب دواة وبياضاً، وكتب فيها من قوله:
وفدت على الكريم بغير زاد ... من الحسنات والقلب السليم
وسوء الظن إن يعتد زاد ... اذا كان القدوم على كريم
قيل لأنوشيروان: ما بال الرجل يحمل الحمل الثقيل فيحتمله؟ ولا يحتمل مجالسة الثقيل، فقال: لان الحمل يشترك فيه جميع الأعضاء، والثقيل يتفرد به الروح انتهى.