فإن احتجوا بقول الله تعالى:{وأتموا الحج والعمرة لله}، فإنه لما كان أمرًا، وجب أن يكون الأمر على الوجوب.
قيل له: لا دلالة فيه على وجوبهما ابتداء؛ لأن الإتمام إنما هو نفي النقص، لا غير، ولا يقتضي وجوب الأصل، ألا ترى أنه يصح أن يقال: أتموا العمرة النافلة كالصلاة النافلة، ولو كان اللفظ يقتضي وجوب الأصل، لما صح أن يقرن بالتطوع؛ لأن الوجوب ينافي كونه تطوعًا.
ومن جهة النظر: أن العمرة لما كانت نسكًا غير مؤقت، أشبهت طواف النفل.
فإن قال قائل: قوله تعالى: {وافعلوا الخير}: يدل على وجوب العمرة؛ لأنها خير، وظاهر اللفظ يقتضي جميع الخير.
قيل له: الجواب عنه من وجوه:
أحدها: أنك تحتاج أن تثبت أن فعل العمرة مع اعتقاد وجوبها خير؛ لأن من لا يراها واجبة يقول: فعلها مع اعتقاد الوجوب معصية، كمن صلى تطوعًا واعتقد فيه الفرض.
وآخر وهو: أن قوله: {وافعلوا الخير}: لفظ مجمل، لاشتماله