وقد اعتبر مخالفنا في نفي زكاة الحلي معنى الاستعمال، وهو يفارق العين، فتكون تارة حليا للاستعمال، وتارة دراهم ودنانير.
وعلتنا فيها كونها ذهبا أو فضا، فهذه صفة لا تفارقها، فيجب أن تكون أولى بالاعتبار من علة الاستعمال.
ولا نعلم أحدا يقول: شرط العلة أن يكون وصفا لازما للأصل المعلول، بل لو قال قائل: الوصف الذي يفارق المعلول في حال، ويلزمه في أخرى: أولى بأن يكون علة مما لا يفارقه، كان قوله أشبه، وإن لم يكن واحدا من القولين عندنا سديدا.
وأما قولهم: إن علة الكيل مقصورة على بعض المنصوص، لتجويز التمرة بالتمرتين، وأن علتهم تعم جميع النصوص: فلا معنى له أيضا؛ لأن المنصوص لا يحتاج في إثبات حكمه إلى علة، وإنما العلل يحتاج إليها لغير المنصوص، ليقاس بها على المنصوص، فأما المنصوص عليه فمستغن بدخوله تحت النص عن الاعتلال له.
وإجازتنا التمرة بالتمرتين، والبرة بالبرتين، فغير متعلق بشيء مما نحن فيه؛ لأنا إنما قصرنا حكمه على ما وصفنا بما دل عليه فحوى خطابه عليه الصلاة والسلام، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:"التمر بالتمر كيلا بكيل، والبر بالبر مثلا بمثل، كيلا بكيل".
فلما شرط استيفاء المماثلة من طريق الكيل، لم يدخل في حكم اللفظ